كما سبق وأنْ ذكرتُ في مقالٍ سابقٍ هنا، كنتُ أعلِّم في درس كتابٍ أسبوعيٍّ من رسالة رومية لسيِّدات من مدينة شارلوت Charlotte community. فعلى مدار الأشهر العديدة الماضية، كنَّا نشقُّ طريقنا عبر الإصحاحات الثلاثة الأولى؛ حيث وضَّح الرَّسول بولس قضيَّته بأنَّ كلَّ البشر، يهودًا وأممًا، هم خُطاةٌ، وواقعون، بعدلٍ، تحت دينونة الله. ويختتم بولس هذا المقطع من رسالته بجُملة بارزة: "لأَنَّهُ بِأَعْمَالِ النَّامُوسِ كُلُّ ذِي جَسَدٍ لاَ يَتَبَرَّرُ أَمَامَهُ..." (رومية ٣: ٢٠).
وهنا، تكاد تسمع دوي سقوط المطرقة.
نحمد الله أنَّ بولس لم يختتم رسالته هنا. وفي هذا الصباح، في الاجتماع الأخير من دراسة الكتاب للسيِّدات لفصل الخريف (سنُكْمِلُ في السنة الجديدة)، سننتقل إلى الآية ٣: ٢١ وما يليها. ينطق بولس في هذه الآية بكلمتين من أجمل الكلمات في الكتاب المقدَّس كله: "وَأَمَّا الآنَ..."!
هاتان الكلمتان الصغيرتان تجعلنا نتنهَّد ارتياحًا مع كل الأنفُس التي حطَّمتها الخطيَّة وتتساءل عن مصيرها.
"وَأَمَّا الآنَ..." تقول لنا إنَّ هناك أمرًا ما قد تَمَّ لحلِّ مشكلة خطايانا.
ما هو الأمر الذي يحلُّ مشكلة خطايانا؟ لقد "... ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِدُونِ النَّامُوسِ... بِرُّ اللهِ بِالإِيمَانِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ" (رومية ٣: ٢١، ٢٢).
أشار لوثر Martin Luther إلى هذه الأعداد على أنَّها "مركز الكتاب المقدَّس كلِّه". بينما أسماها مارتن لويد جونز Martin Lloyd Jones: "أهمُّ مقطعٍ، والمقطع الأكثر حسمًا في الكتاب المقدَّس كله". كذلك، قال ليون موريس Leon Morris إنَّه "في الغالب، أهمُّ مقطعٍ كُتِبَ على الإطلاق".
هذا المقطع هو الأساس لعقيدة الإصلاح العظيمة: بالإيمان وحده sola fide -أي فكرة أنَّنا نخلص بالإيمان وحده، وليس من خلال أعمال الناموس.
لكن، يوضِّحُ بولس أمرًا حاسمًا هنا، وهو أنَّ البرِّ، الذي نحن في حاجةٍ ماسَّةٍ إليه، يأتي من خلال الإيمان (عدد ٢٢)، ولكنَّه ليس الإيمان في حدِّ ذاته هو أساس تبريرنا. فأساس تبريرنا، أي السبب وراء إعلان اللهُ لبرَّنا نحن الخُطاة، هو برُّ المسيح المُعطَى لنا. وعليه، يحسبنا الله أبرارًا بسبب برِّ المسيح الذي مُنِحَ لنا.
وبالتالي، فإنَّ الإيمان هو مجرَّد أداة أو طريقة نحصل بها على مكانة البرِّ هذه.
هذا تذكيرٌ حاسمٌ للمسيحيِّين اليوم. فعندما يناقش عَالمُنا الدينَ، فإنَّهم يمدحون استحقاق "الإيمان"، ويبجِّلون مَنْ يمتلكونه (آراء أوبرا وينفري مثلًا Oprah Winfrey). ولكن لاحظْ هذا، لا يمدح العالَمُ أبدًا استحقاق "موضوع" هذا الإيمان. لا يهمُّ ما الذي تؤمن به (ففي النهاية، كلُّ الأديان واحدة)، ما يهمُّ هو أنْ تلتزم بكلِّ أمانة.
إذًا، فبالنسبة إلى عالَمِنا، فإنَّ الإيمان هو موضوع ذاته.
قارنْ هذا بما يقوله بولس الرسول في رومية ٣: ٢١، ٢٢؛ إذ يقول إنَّك لا تخلص بسبب الإيمان (وكأنَّه استحقاق في حدِّ ذاته)، ولكنَّك تخلص من خلال الإيمان بيسوع، وفيه. فموضوع الإيمان هو الفيصل.
لذا، فإنَّ عقيدة الإصلاح الخاصَّة بالإيمان وحده لا تعني ما قد يظنُّ العالَمُ أنَّها تعنيه. إنَّها تعني، بالنسبة للعالم، كلَّ ما تحتاج إليه هو الإيمان فقط. وبالنسبة إلى المُصْلِحين، فإنَّ هذا يعني أنَّ الإيمان هو الأداة الوحيدة التي بها تحصل على مكانة البرِّ في المسيح (وبالتالي، ليس من خلال الأعمال).
وبالنسبة إلى مَنْ يشكُّون في إيمانهم، ويجدون أنَّ إيمانهم ضعيفٌ، فإنَّ هذا تشجيعٌ عظيمٌ؛ فرجاؤنا ليس في قوَّة إيماننا، بل في قوَّة وبرِّ مُخَلِّصنا.
تُرجمت هذه المقالة بعد الحصول على الإذن من موقع canon fodder، المدوّنة الرسمية للدكتور مايكل كروجر MICHAEL J. KRUGER،
يمكنكم قراءة المقال الأصلي باللغة الإنجليزية من خلال الرابط: The Most Important Passage in the Whole of Scripture
