هو و هي

أصبح دور المرأة في الكنيسة الآن من المواضيع الشائكة في مجتمعنا الإنجيلي بل دعني أقول المسيحي. فهناك من ينادي بمساواتها بالرجل في كل شيء حتى في الأدوار وعلى النقيض نجد من يرفض مساواتها بالرجل ويرى رئاسة الرجل في الأدوار والقيمة. ولكن لا يمكن حصر موضوع المرأة بين هذين النقيضين، فالأمر متشعب من الناحية الكتابية واللاهوتية والاجتماعية والتاريخية والعملية. لذا فالأمر يحتاج إلى الكثير من الدراسة والفحص ما بين دراسات نصية وتفسيرية وتحليلات لاهوتية ودراسات تاريخية بالإضافة لإلقاء الضوء على خبرات معاصرة وبالأخص في الغرب حيث أنهم سبقونا في هذا الجدال أو لنقل هذا الصراع. ولعل أنسب ما نبدأ به هو بداية القصة، الخلق والسقوط.

الخلق

كثيرًا ما يكون الحل لأي مشكلة هو بالذهاب للجذور أو للبدايات ولذلك سوف أبدأ بنظرة لسفر التكوين ولاهوت الخلق حيث نرى نواة العلاقة بين الرجل والمرأة. ولعل الرسول بولس نفسه قد فعل الأمر نفسه عندما تحدث عن هذا الأمر.1 وبالرجوع لسفر التكوين نرى أن خلق آدم قد سبق خلق حواء2. والأمر لم يتوقف فقط على أن خلق آدم كان سابقاً لخلق حواء بل أن في الأعداد ما بين ٧ و ١٨ نرى الله يضع آدم في الجنة ويوكّله على الأرض ليعملها ويحفظها ثم يعطيه الأمر بالأكل من كل شجر الجنة إلا شجرة معرفة الخير والشر. ثم نجد آدم بدأ بتسمية الحيوانات كنوع من ممارسة السلطان المعطى له من الله على الأرض. كل ما سبق حدث قبل خلق حواء والتي خلقها الله من أحد أضلاع آدم (تك ٢:‏٢٢). بل الأبعد من ذلك أن آدم هو من سمى المرأة إمرأة (تك ٢:‏٢٣) ومع أنهم متساويين في القيمة إلا أن تسمية آدم لحواء تعطينا الانطباع أنها خاضعة له أو أنه هو الرأس.3 ولكن الجدير بالذكر هنا هو مع أن آدم قد خلق أولًا وقد أُعطى المسئولية أولًا كرأس للخليقة إلا أن الإصحاح الأول من سفر التكوين (تك ١:‏٢٦ -٢٨) يرينا أن آدم وحواء كلاهما على صورة الله وأن الله قد أمرهما هما الاثنين بالتسلط على كل الخليقة. فهل هذا تناقض أم ماذا؟

بالطبع هذا ليس تناقضاً. بل ما نراه هنا هو إجمال بعده تفصيل. في الإصحاح الأول نرى الخطوط العريضة لقصة الخلق التي ظهرت تفاصيل أدق لها في الإصحاح الثاني. ومن كلاهما يمكن فهم عدة أمور خاصة بالخلق وبالأخص فيما يختص بعلاقة الرجل بالمرأة وأدوارهما. أولاً أن الرجل والمرأة متساويين في القيمة حيث أن كلاهما على صورة الله. ثانياً التكليف بالتسلط على الأرض لم يقتصر على آدم وحده بل كان للرجل والمرأة. ثالثاً في ظل النقطتين السابقتين هناك تفاصيل ألا وهي أن داخل إطار التسلط للإنسان على الخليقة آدم هو المسئول الأول أمام الله، فالأمر بعمل الأرض وحفظها والأكل من كل شجر الجنة والتحذير من شجرة معرفة الخير والشر كان لآدم قبل حواء بل قبل خلق حواء. ومع أن هذا وضح أكثر في الإصحاح الثاني إلى أن في الإصحاح الأول موسى لمح إلى هذا الأمر بقوله أن الله عمل الإنسان على صورته ذكراً وأنثى. فكلمة الإنسان في العبرية هي "אָדָ֛ם" والتي تترجم أيضاً آدم أو إنسان وبالإنجليزية تترجم "man أو Adam”. وكأنه يقول أن آدم هو ممثل هذا الجنس رجالًا ونساءً .4 علماً بأن ذلك ليس لأي امتياز في قيمته عن المرأة ولكن لأن هذا هو التصميم الإلهي الذي يشير إلى حقيقة أعظم سنتكلم عنها لاحقاً. رابعاً العلاقة بين آدم وحواء في ظل هذا التصميم كانت علاقة متناغمة بلا صراعات حيث نراهم مكملين لبعض ونرى فيها عمق المحبة في كلمات آدم عن حواء "هذه الآن عظمٌ من عظامي ولحمٌ من لحمي .. “. فحواء ليست منافس بل شريك معاون له.

كانت حواء بالنسبة لآدم معيناً نظيره. وهاتان الكلمتان تلخصان المعاني التي ذكرناها حتى الآن. فهي مساوية له في القيمة (نظيره) وهي الوحيدة المناسبة له من باقي الخليقة. ولكن الكلمة المستخدمة في العبري هنا (כְּנֶגְדּֽוֹ) تعني حرفيا "مثل مقابل له" وهي تفيد أنها مكملة له وليست مطابقة له لأن لو المقصود هو أنها مثله تماماً لكانت الكلمة المستخدمة هي (כמוהו).5 إلا أنها أيضاً معينة أو مساعدة له في تحقيق المسئولية التي أوكله الله عليها ألا وهي تمجيد الله في كل الأرض وذلك من خلال الشراكة بينه وبينها. وقد رأى البعض أن كلمة معيناً (עֵ֖זֶר ) قد استخدمت قبلا في الإشارة إلى الله كمعين للبشر6، وبناء عليه لا يمكن استنتاج أن المعين يجب أن يكون خاضعاً لمن يعينه بل هو أقوى منه فيكون قادر أن يعاونه.7 المشكلة هنا أن السياق مختلف تماماً. فالقصة في تك ١ تفيد بأن الله أعطى مسئولية لآدم ألا وهي حفظ الخليقة والتسلط عليها ونشر مجد الله في كل الأرض ثم خلق له شخصاً مناسبًا مساوٍ له في القيمة لكي يعاونه على تتميم دوره أو على أداء مهمة معينة.8 وقد تكرر هذا الاستخدام في عدة مواضع أخرى في العهد القديم.9 كذلك الأمر بالنسبة لأي راعي أو قس في الكنيسة تكون مهمته أن يقود الشعب وأن يعاونه الخدام في الكنيسة. لا يمكن في كل هذه الحالات أن نقول إن استخدام فكرة المعونة أو المساعدة هنا مشابه لاستخدام كلمة المعونة المستخدمة للإشارة إلى معونة الله لشعبه. فمعونة الله هي معونة الأب لأولاده، معونة المعلم للتلاميذ. معونة الله لشعبه هي معونة كائن أسمى لكائن أقل سمواً وهو الأمر الذي لا ينطبق على الرجل والمرأة.

السقوط

اتضح هذا التصميم الإلهي أكثر عندما كُسر في الإصحاح التالي، إصحاح السقوط العظيم. وهنا سنلقي نظرة عما حدث في السقوط وفي النتائج المترتبة على السقوط وعلاقة كل هذا بالتصميم الإلهي فيما يتعلق بالرجل والمرأة. نرى الحية في غوايتها للإنسان لم تذهب لآدم بل لحواء وهذا ليس صدفة. فالأمر قيل لآدم10 ويتضح من رد حواء على الحية (تك ٣:‏٣) أن آدم قد نقل لها الأمر الإلهي بعدم الأكل من الشجرة. ولكن الحية اختارت الشخص الذي لم يقال له الأمر المباشر من الله وهذا لسببين على الأقل. أولاً لأن التأثير على حواء سيكون أسهل إذ أنها لم تأخذ الأمر مباشرة من الله. ثانياً الحية أرادت قلب النظام الإلهي حيث أنها دفعت حواء لقيادة آدم بالأكل من الشجرة. فبدلاً من أن يكون آدم هو القائد المسئول صارت حواء هي المسئولة المتخذة للقرارات وآدم تابع لها. وبتوسيع الدائرة نرى أن ما حدث في السقوط هو قلب للنظام الإلهي وتمرد عليه. فبدلاً من أن يكون تسلسل القيادة والسلطان من الله ثم آدم ثم حواء ثم الخليقة نرى في السقوط أن التصميم قُلب حيث نجد الخليقة متمثلة في الحية هي من تتسلط على حواء ثم حواء تتسلط على آدم ثم آدم يتمرد على الله. والنتيجة التي ترتبت على قلب النظام هي السقوط.

الأمر الآخر الملفت هنا هو أن تأثير الأكل من الشجرة الممنوعة والشعور بالخزي والذنب والعري لم يحدث لحواء عندما أكلت قبل أن تعطي آدم. ولكن بعد أن أعطت آدم وأكل نجد أن عينيهما قد انفتحت وعلما أنهما عريانين.11 في الحقيقة، أكل آدم كان آخر وذروة إعلان العصيان والتمرد ضد الله والدليل على ذلك أن بعده مباشرة رأينا النتائج التي ترتبت على خطيتهم.12

مما يؤكد الأمر هو رد فعل الله عما حدث. وقبل أن نمضي قدماً لتحليل العقاب الإلهي للسقوط وعلاقته بعلاقة الرجل والمرأة، دعونا أولًا نلقي نظرة على توقيت التدخل الإلهي. فالله لم يتدخل عندما أكلت حواء من الشجرة ولكنه تدخل عند أكل آدم من الشجرة، هل هناك رسالة ما وراء هذا؟ أيضاً عندما تدخل الله واختبأ آدم وحواء بدأ بسؤال المسئول الأول عن الخليقة. فنرى الله ينادي آدم قائلًا "أين أنت؟" (تك ٣:‏٩) وكيف لا وهو المسئول الأول أمامه؟ ألا نفعل نحن المثل اليوم في أي نوع من المحاسبة؟ ألا نسأل دائماً عن المسئول الأول عند حدوث أي مشكلة في فريق ما أو نظام ما؟ علماً بأن هذا لا يعفي الباقين من المحاسبة. لذا نجد الله في محاسبته يسير بحسب التصميم الذي وضعه حيث آدم هو المسئول الأول فكان أول من سُئل وآخر من نال الجزاء.

نتائج السقوط

ومع أن الله عاقب كل من آدم وحواء والحية بسبب السقوط إلا أن عقاب الله للمرأة هو أكثر ما تعلق بعلاقة الرجل بالمرأة. فعقاب الله لحواء احتوى على أمرين. أولاً آلام شديدة مع الحمل والولادة. ثانياً يقول الله لها "إلى رجلك يكون اشتياقك وهو يسود عليك"، ما معنى هذا؟ انتشرت آراء كثيرة لتفسر هذه الجملة التي لا يجب أن ننسى أنها قيلت كنوع من العقاب. فهناك من يقول أن معنى هذا العقاب أن المرأة ستكون في اشتياق عاطفي أو جسدي للرجل وأن الرجل لن يكترث أو سيقمعها ويذلها من الناحية الجسدية والعاطفية. فهي ستظل شاعرة باحتياج دائم له ولا يمكنها الاستغناء عنه وذلك لأنها تصرفت باستقلالية عنه في السقوط. 13 وهنا نسأل هل محبة المرأة لرجلها تعد عقاباً؟ هل كونها في اشتياق لزوجها لعنة على حياتها حدثت بسبب السقوط؟ بالطبع هذا لا يتفق مع التصميم الأصلي للخليقة المليء بالمحبة من الطرفين.14 ظهر رأي ثاني يقول أن "هو يسود عليك" تعني أن رئاسة الرجل للمرأة أمر حدث بعد السقوط وأن التصميم الأصلي لم يكن هكذا حيث لم يكن أحدهما له الرئاسة على الآخر، وإنما حدث هذا الترتيب بسبب السقوط.15 وهنا لنا اعتراضين. أولًا هذا التفسير يتجاهل الجزء الأول من هذه جملة "إلى زوجك يكون اشتياقك وهو يسود عليك". ما معنى لزوجك يكون اشتياقك في ظل هذا التفسير؟ هل سيكون اشتياق عاطفي أو جسدي وإذا كان هذا فما علاقته بموضوع الرئاسة؟ ثانياً هذا التفسير يتجاهل المقارنة التي صنعها بولس الرسول في ١كو ١١:‏٣ حيث نجده يقول أن الرجل رأس المرأة وأن الله رأس المسيح. فكيف تكون رئاسة الرجل على المرأة عقاباً إذا كانت قد شُبهت بعلاقة الله والمسيح؟

والآن لمعرفة تفسير هذه الجملة الصعبة التي قيلت في سياق عقابي لحواء نتيجة ما حدث في السقوط يمكن الرجوع إلى الإصحاح التالي في سفر التكوين. في تك ٤:‏٧ نرى الله يحذر قايين من ارتكاب أي حماقة نتيجة غيظه من أخيه هابيل الذي قُبلت ذبيحته. وفي تحذير الله لقايين نراه يستخدم نفس الألفاظ (نفس الألفاظ العبرية) المستخدمة في عقاب حواء "عند الباب خطية رابضة، إليك يكون اشتياقها وانت تسود عليها".16 وبتحليل هذه الكلمات (תְּשׁ֣וּקָתֵ֔ךְ) و ( יִמְשָׁל) نرى الله يقول لقايين أن الخطية تشتاق أن تسود عليك يا قايين ولكن ينبغي أن تسود أنت عليها. وبالرجوع إلى عقاب حواء في ظل هذا الفهم نرى الله يقول لحواء أن عقابها هو أنها ستشتاق للسيادة على آدم ولكن هذا سيقابله سيادة من آدم. فالعقاب هو رغبة في السيادة على زوجها ومقابلة هذا بسيادة من الرجل. فبعد أن كان الرجل رأس المرأة دون معاناة من المرأة صار هذا الأمر مؤلماً ومليء بالصراعات نتيجة التغير الذي حدث في طبيعة حواء التي باتت رافضة لهذه السيادة ومشتاقة لأن تسود. فكل تمرد من المرأة على سيادة الرجل هو بمثابة تحقيق للعقاب الإلهي الذي قيل لحواء.

لذا نجد الرسول بولس في أفسس ٥:‏٢٢ يذكر المرأة بالخضوع لأن هذا هو ضربة قلبها بعد السقوط وخضوعها لرجلها يعد استرداداً للنظام الإلهي في الخلق مؤكداً على رئاسة الرجل للمرأة. ومن ناحية أخرى نرى الرسول بولس يذكر الرجل بمحبته الباذلة للمرأة (أف ٥:‏٢٥) بعدما صار إخضاعه للمرأة قمعاً وعنفاً وليس حباً ومسئولية وبذلًا، معطيا المسيح الباذل حياته من أجل الكنيسة مثالًا.

من ناحية أخرى وقبل أن ينطق الله بالعقاب على آدم نجده يقول له سبب العقاب. في تك ٣:‏١٧ يقول الله لآدم "لأنك سمعت لقول امرأتك وأكلت من الشجرة ... " وإذا نظرنا للسبب نجد أن هناك أمرين. بالطبع هناك الأكل من الشجرة المنهي عنها وإعلان التمرد على الله. ولكن أيضاً نجد الأمر الآخر ألا وهي لأنك سمعت لقول امرأتك بمعنى أنك تركت مكانك كقائد ومسئول عن العائلة وتراجعت عن ممارسة دورك.17 مما يؤكد الأمر أن أثناء كلام الله للمرأة لم يقل لها لأنك سمعت لقول الحية. وهذا يشير إلى أهمية هذا الفعل الذي قام به آدم أو دعنا نقول الذي لم يقم به آدم. والأعمق من ذلك أن نطق الله بلعنة الأرض كان لآدم وليس لحواء ولا لآدم وحواء معاً. فيقول الله "ملعونة الأرض بسببك" إذ أن آدم هو المسئول عن كل الخليقة أمام الله.18 كما أن العقاب بالموت قيل لآدم فقط ولم يقال لحواء علما بأن العقاب سرى على كليهما وعلى كل الجنس البشري وهو ما أكد عليه الرسول بولس أن بخطية آدم اجتاز الموت إلى جميع الناس.19

لماذا هذا التصميم؟

والآن يأتي السؤال "لماذا هذا التصميم؟". لماذا جعل الله في تصميمه وجود الرجل كرأس ثم المرأة مع أنهما متساويين تماما في القيمة إذ إن كلاهما على صورة الله؟ فبالإضافة لكون هذا هو التصميم الإلهي الحكيم، يجب أن نعرف أن علاقة الرجل والمرأة لها أهداف كثيرة لكن دعنا نركز على الهدف الأهم أو الأسمى من هذه العلاقة ألا وهو أن تكون صورة لعلاقة المسيح والكنيسة. فالهدف الأهم من الزواج هو أن يكون صورة للمسيح والكنيسة.20 الله دائماً ما كان يشير لتلك الحقيقة من العهد القديم. فدائماً ما كان يشير لإسرائيل (شعب الله) على أنها امرأته وعندما يبعد عنه الشعب ويعبد آلهة آخرى يسمي هذا زنا ولعل سفر هوشع أكثر ما صور تلك العلاقة بين الله وشعبه. وفي العهد الجديد تجلت هذه الصورة بقوة في رسالة أفسس. فبولس الرسول يقول بوضوح أن علاقة الرجل بالمرأة تتوازى بعلاقة المسيح والكنيسة (أف ٥:‏٣١ -٣٢). وكان بولس واضحاً في تشبيهه حيث أشار إلى نقاط التشابه. فكما أن المسيح هو رأس الكنيسة كذلك الرجل هو رأس المرأة، ورأسها يعني أن يحبها ويكون مسئولاً عنها ويبذل نفسه لأجلها ويقوتها وينميها ويقودها إلى بر الأمان كنيسة مجيدة بلا عيب. فالرجل هو المسئول عن امرأته في كل شيء، فهو المسئول عن رعايتها وهو المسئول عن القيادة الروحية لها وتشجعيها ومساندتها في كل أمور الحياة وكل ذلك بحب مثل حب المسيح للكنيسة الذي وصل أنه مات من أجلها.21 أما من ناحية المرأة فهي مثل الكنيسة التي تخضع للمسيح وتبتهج وتفتخر بقيادته لها ولا تتمرد عليه ولا تحاول أن تثبت قيمتها بالصراع على القيادة.22 فكما كانت حواء في التصميم الأصلي معينة لآدم في التسلط على الأرض ونشر ملكوت الله كذلك إرسالية الله للمسيح، الكنيسة تتممها اليوم تحت قيادة المسيح.

كان أول بيت شعر قاله رجل في امرأة هو ما قاله آدم عن حواء "هذه الآن عظمٌ من عظامي ولحمٌ من لحمي" في تك ٢:‏٢٣ وهو الذي يبين عمق العلاقة والوحدة بين الزوج والزوجة والتي لا تتنافى مع كون الرجل رأس المرأة. ولأن الهدف من هذه العلاقة هو الإشارة إلى علاقة المسيح بالكنيسة نجد الرسول بولس يقول عن الكنيسة في علاقتها بالمسيح في أف ٥:‏٣٠ "أننا أعضاء جسمه، من لحمه ومن دمه". لذا فكل من يريد أن يعرف كيف ينبغي أن تكون العلاقة بين الزوج والزوجة لينظر إلى المسيح والكنيسة.

قد يقول قائل ما علاقة كل هذا برسامة المرأة ودورها وخدمتها في الكنيسة؟ وبالطبع هذه المقالة أصغر من أن تغطي كل ما يتعلق بدور المرأة في الكنيسة إلا أنها تلقي الضوء بقوة على الأساس لهذا الدور. فمن ينادون بعدم وجوب تسلط المرأة أو رفض رسامتها في الكنيسة لا يتمسكون فقط ببعض النصوص من رسائل الرسول بولس والتي تثبت الأمر بقوة. ولكنهم أيضاً يتمسكون باللاهوت الكتابي كله بدءاً من قصة الخلق والسقوط موضوع هذا المقال. فهذه المقالة ترينا كيف ينبغي أن تكون العائلة حيث الرجل هو الرأس، والكنيسة أيضاً هي عائلة تختلف فيها الأدوار ولكن تتساوى القيمة بين كل أعضائها. وهذا الربط القوي ليس جديداً بل هو الربط الذي تمسك به الرسول بولس واستخدمه لشرح كيف ينبغي أن يكون دور المرأة في الكنيسة.23

الأقسام: