١٠ أمور ينبغي معرفتها عن السماء الجديدة والأرض الجديدة

هذه المقالة جزء من سلسلة  "١٠ أمور ينبغي معرفتها"

١- قام يسوع وهو على الأرض.

قام يسوع وهو على الأرض، وليس السماء. ينبَغي ألاَّ نخلِط بين القيامة والصعود. فقبر يوسُف الرامي كان فارغًا. بعد قيامته، كان جليًّا أنَّ جسد يسوع قد تغيَّر، لكنَّه كان لا يزال الجسَد المادِّيَّ ذاته الذي وضِعَ في القبر. هذه القيامة باكورَة القيامة العامَّة (١كورنثوس ١٥: ٢٠، ٢٣). سوف تُقَام أجسادنا أيضًا بطريقة تسمَح لنا بالحياة في السماء الجديدة والأرض الجديدة. لا نعلَم تفاصيل كيف سيبدو ذلك، لكنَّنا نعلم أنَّنا "... سَنَكُونُ مِثْلَهُ،..." (١يوحنَّا ٣: ٢). إنَّ المسيحيَّة ديانة القيامة.

٢- يبدأ الكتاب المقدَّس في تكوين ١، وليس تكوين ٣.

لا يبدأ الكتاب المقدَّس بإشكاليَّة الخطيَّة؛ بل يبدأ بجمال الأرض. وعبر كلِّ منعطفات وتقلُّبات القصَّة الكتابيَّة، يظلُّ الله متعهِّدًا بخليقته. في ضوء هذا، من الغريب أنَّ العديد من المؤمنين يعتبرون أن الأرض شيءٌ زئلٌ في أفضل الأحوال،وشيءٌ يجب التخلُّص منه في أسوأ الأحوال. تنتقض الأصحاحات الافتتاحيَّة من التكوين هذا المفهوم الخاطئ. فالله، وليس الشيطان، سيكون له الانتصار النهائيُّ على ما قد صنَعه الله. لن يتمَّ التخلُّص منها بل ستخلُص. إنَّ نِطاق عمليَّة الخلاص يشمل كلَّ ما قد سقَط. لذلك، ليس من المدهش، أنَّ الكتاب المقدَّس يتحدَّث عن تحقيق هذا الخلاص كـ "... سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً،..." (إشعياء ٦٥: ١٧؛ ٦٦: ٢٢؛ ٢بطرس ٣: ١٣؛ رؤيا ٢١: ١). فتبدأ قصَّة الكتاب المقدَّس بـ "... خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ." (تكوين ١: ١) وتنتهي بـ "... سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً،..." (رؤيا ٢١: ١).

٣- لم يدَّخر الله جهدًا حين خلَق الأرض.

إنَّ الأرض التي خلقها الله ليست آلة نفعيَّة، وظيفيَّة، وأحاديَّة اللون. فهي ملآنة بالجمال، والألوان، والإبداع. أعلن الله "... كُلَّ مَا عَمِلَهُ فَإِذَا هُوَ حَسَنٌ جِدًّا." (تكوين ١: ٣١). لم يقتصِد الله حين خلق هذا العالم بادِّخار الأفضل للسماء. بالطَبع، ليس العالم كلَّ ما نبتغيه أن يكون. فالمعاناة تجتاح كلَّ جزءٍ في حياتنا. لكنَّ هذه المشكلة ليست لأنَّ الأرض رديئة. فسببها دخول الخطيَّة. يُظهِر الله عَبر الكتاب المقدَّس تعهُّده بإصلاح المشكلة بنزوله إلى الأرض لمعالجة قضيَّة الخطيَّة. يبدأ هذا في جنَّة عَدْنٍ حيث يتحدَّث مع آدم في الجنَّة (تكوين ٣: ٨)، ويستمرُّ كما يُرى مَجَد الله في خيمة الاجتماع، وفي الهيكَل، وفي التجسُّد، وفي الصليب، وفي القيامة، وفي عطيَّة الروح القُدس. حين يعود يسوع، لن تكون مجرَّد زيارة، ليصطحبنا ويأخذنا لمكانٍ آخر. فهو آتٍ ليمكث. سوف تنزل أورشليم الجديدة إلى الأرض (رؤيا ٢١)، وسيُستعاد ويُجدَّد جمَال خليقة الله.

٤- خُلِقَ البشر على صورة الله ليكون لهم سيادة.

يبدأ تكوين ١ بخلق السَّماوات والأرض، ثمَّ يُحدِّد المنظور نحو جنَّة محدَّدة تُسمَّى "عَدْن". هذه الجنَّة حيث يسكن الله مع شعبه على الأرض. في الشرق الأدنى القديم، كان منزل الإله هيكلًا، وتمَّ تقديم عَدْنٍ بهذه المصطلحات. لكنَّه هيكلٌ مختلفٌ. فهو ليس مبنًى ساكنًا بلا حياةٍ، بل جنَّة نامية. فالله ليس تمثالًا بلا حياةٍ داخل هذا الهيكل، بل يسير ويتحدَّث داخل هذه الجنَّة (تكوين ٣: ٨). والصور الموجودة داخل الهيكل ليست مصنوعة من الخشب أو الحجارة، بل مِن لحمٍ ودمٍ بشريٍّ يُسمَّى آدم وحوَّاء (تكوين ١: ٢٦، ٢٧).

إنَّ كلَّ خيام الاجتماع والهياكل اللاحقة في تاريخ إسرائيل انعكاسٌ لعَدْنٍ. فجنَّة عَدْن نموذج لما يبدو عليه تلاقي السَّماء مع الأرض. وأُعطيَ حاملو الصورة الإلهيَّة هدفًا داخل الهيكل. لقد مُنِحوا سلطان نائب الملك لإدارة التطوير داخل عالم الله، لكي "... أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ." (تكوين ١: ٢٨). ذاك الذي لأجله خُلِق البشَر. إنَّه يذهب إلى جوهر سبب وجودِنا.

٥- دخل الله في عهدٍ أبديٍّ مع خليقته.

يبدو غريبًا في الإنجليزيَّة الدخول في عهدٍ مع خليقة. كيف تستجيب الحيوانات، والأشجار، والصخور؟ لكنَّ الله يُعلِن: "وَأَقْطَعُ لَهُمْ عَهْدًا فِي ذلِكَ الْيَوْمِ مَعَ حَيَوَانِ الْبَرِّيَّةِ وَطُيُورِ السَّمَاءِ وَدَبَّابَاتِ الأَرْضِ،..." (هوشع ٢: ١٨). نحن نفكِّر في عهدٍ بشروطٍ تعاقديَّة، بين طرفين مطَّلعين موافقين. لكنَّ الكلمة العبرية بيريت berith (عهد) يمكن أن تعني عادةً تعهُّدًا من جانب واحد. حين قطع الله عهدًا مع أبرام، كان أبرام في سُبَات (تكوين ١٥: ١٢).

تتحدَّث العهود المتعاقبة في الكتاب المقدَّس عن عهدٍ أبديٍّ (berith ‘olam) قُطِعَ مع الخليقة. تُرى الإشارة عنه في العهود مع نوح (تكوين ٩: ١٦)، وإبراهيم (تكوين ١٧: ٧)، وموسى (خروج ٣١: ١٦؛ اللاويِّين ٢٤: ٨)، وداود (٢صموئيل ٢٣: ٥)، ومع إسرائيل بعد السبي البابليِّ (إشعياء ٢٤: ٥، ٦؛ ٥٥: ٣؛ ٦١: ٨؛ إرميا ٣٢: ٤٠؛ ٥٠: ٥؛ حزقيال ١٦: ٦٠؛ ٣٧: ٢٦). باختصار، الله متعهِّد بخليقته. فالعهود المتعاقبة التي يصنعها تجد أساسها في تعهُّده السَّابق بكلِّ ما صَنَع.

٦- إنَّ دمار الأرض لا يعني محوها.

يتحدَّث الكتاب المقدَّس عن دمارٍ كلِّيٍّ للأرض مرَّتين: مرَّة في الطوفان في أيَّام نوح والأخرى في الدمار النهائيِّ للأرض بالنَّار. يُذكر كلا الحدثين في ٢بطرس ٣، أصحاحٌ يُقتبَس أحيانًا كدليل أنَّ كلَّ شيءٍ سيُدمَّر. لكنَّ هذا يُثير السؤال، ماذا نعني بكلمة دمَار؟ فالطوفان في وقت نوح بالتأكيد دمَّر العالم، لكنَّه لم يمحوه.

تقول ٢بطرس ٣: ١٠: "وَلكنَّ سَيَأْتِي كَلِصٍّ فِي اللَّيْلِ، يَوْمُ الرَّبِّ، الَّذِي فِيهِ تَزُولُ السَّمَاوَاتُ بِضَجِيجٍ، وَتَنْحَلُّ الْعَنَاصِرُ مُحْتَرِقَةً، وَتَحْتَرِقُ الأَرْضُ وَالْمَصْنُوعَاتُ الَّتِي فِيهَا". إنَّ الصورة صورة نار تنقية تُزيل خبَث العيوب. سوف يُزال خبَث العيوب وسوف تنكشف نقاوة الذهب. إنَّ ما نفعله على الأرض مهمٌّ.

٧- تتوسَّع الأرض المقدَّسَة لتصبح الكرة الأرضيَّة المقدَّسة.

إنَّ مقاصد الله لأرض واحدة، إسرائيل، لها آثار مستقبليَّة للأرض كلِّها. فبداخل فهم ملكيَّة الله للأرض كلِّها اختار الله شعبًا واحدًا، إسرائيل، ليكونوا شعبَه المختار. كان ينبغي أن يعيشوا في أرض الموعِد (خروج ٣: ٨، ١٧؛ ١٧: ٥؛ ٣٣: ٣) هذا بالمقارنة مع جنَّة عَدْنٍ (إشعياء ٥١: ٣؛ راجِع حزقيال ٣٦: ٣٥). حين أُغلق العهد القديم، وعاد شعب إسرائيل من السبي البابليِّ وأعادوا تأسيس أنفسهم في الأرض، كانوا لا يزالون ينتظرون مسيًّا سيحقِّق مقاصد الله.

وبينما يستهِلُّ العهد الجديد نتعرَّف على هذا المسيَّا. فيُحقِّق يسوع كلَّ وعود الله. كان قصد الله في اختيار شعب واحد أن تتبارك كلُّ شعوب الأرض؛ قصد الله في اختيار أرض واحدة أن تتبارك كلُّ الأرض. وفي أعقاب تحقيق يسوع لكلِّ ما مثَّلته إسرائيل، يبدأ العهد الجديد بانتقال من الأرض المقدَّسة إلى الكرة الأرضيَّة المقدَّسة، من أورشليم، واليهوديَّة، والسامرة، إلى أقصى الأرض (أعمال الرسل ١: ٨). وكمَال تحقيق هذا في "... سَمَاوَاتٍ جَدِيدَةً، وَأَرْضًا جَدِيدَةً، يَسْكُنُ فِيهَا الْبِرُّ." (٢بطرس ٣: ١٣).

٨- نَتَغَرَّبَ عَنِ الْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنَ عِنْدَ الرَّبِّ.

يؤكِّد قانون الإيمان الرسوليُّ الإيمان بكلٍّ من "الحياة الأبديَّة" و"قيامة الجسد"، لكنَّ الخلود والقيامة ليسا الشيء ذاته. يعني الخلود أنَّ حياتنا لن تنقطع بالموت، أمَّا القيامة فتعني قيامة أجسادنا المادِّيَّة. فماذا سوف تكون حالة الذين يموتون قبل القيامة العامَّة عند عودة يسوع؟

إنَّ الرجاء النهائيَّ للمؤمن هو "...سَمَاءً جَدِيدَةً وَأَرْضًا جَدِيدَةً،... " (رؤيا ٢١: ١) التي سوف تعيش فيها أجسادنا المُقامَة. ولكن إن متنا قبل ذلك، فلن يستطيع الموت أن يفصلنا عن محبَّة الله في المسيح يسوع (رومية ٨: ٣٨، ٣٩). فبينما ننتظر القيامة العامَّة، سوف "... نَتَغَرَّبَ عَنِ الْجَسَدِ وَنَسْتَوْطِنَ عِنْدَ الرَّبِّ." (٢كورنثوس ٥: ٨). تزخر الأسئلة عند هذه النقطة، لكنَّ ما نعلَمه ينبغي أن يعزِّينا في مواجهة ما لا نعلمه. سوف نكون مع يسوع، وهذا سيكون كافيًا.

٩- إعلان يسوع عن ملكوت الله يتعلَّق بهذا العالم.

حين زَعم يسوع "... مَمْلَكَتِي لَيْسَتْ مِنْ هذَا الْعَالَمِ..." (يوحنَّا ١٨: ٣٦)، لم يكُن يُشير إلى المجال الذي يسود عليه. يقينًا يُحدِث ملكوت الله تأثيرًا في هذا العالم! تحدِّد الأناجيل بوضوح ملكوتين، لكنَّ الانقسام ليس بين المقدَّس والدنيويِّ؛ الانقسام بين ملكوت الله وملكوت الشَّيطان (لوقا ١١: ١٤-٢٢). فخدمة يسوع تُجرِّد وتهزم ملكوت هذا العالم الذي يحكمه الشيطان. آتٍ هو اليوم حين تُعلِن السَّماء أنَّه "... قَدْ صَارَتْ مَمَالِكُ الْعَالَمِ لِرَبِّنَا وَمَسِيحِهِ،..." (رؤيا ١١: ١٥).

في الوقت الراهِن، الانقسام ليس بين الملكوت المقدَّس والملكوت الدنيويِّ. فآثار الخطيَّة يمكن الشعور بها بشدَّة في الكنيسة كما هو الحال في مكان العمَل. وبالمثل، آثار ملكوت الله يمكن أن تُعاش أيَّام الاثنين وكذلك الآحاد. فيسوع سيِّدٌ على الكلِّ. وهو متعهِّد بخليقته.

١٠- تجديد الأرض يعني أنَّنا متعهِّدون بأشياء الأرض.

إنَّ الخليقة والخليقة الجديدة هما طرفا الكتاب المقدَّس. فالله مهتمٌّ بتجديد هذه الأرض.

إنَّ الخدمة المسيحيَّة لا تتعلَّق فقط بإخبار الأشخاص كيف يدخلون السماء حين يموتون، رغم أنَّ هذا أساسيٌّ. إنَّها أيضًا مهتمَّة بما يحدث في هذا العالم. إخبار الأشخاص بطريق الخلاص له أهمِّيَّة أساسيَّة. فمن دون التوبة عن الخطايا والخضوع لسيادة يسوع، لا شيء آخر منطقيٌّ. لكنَّ هذه ليست نهاية القصَّة. إذا اعترفنا أنَّ الرجاء المسيحيَّ هو تجديد كلِّ الأشياء، فإنَّه يعطي معنًى للحياة. تُمدَح المجتمعات المسيحيَّة لأجل الطريقة التي تبارك بها الأماكن التي تعيش فيها (فيلبِّي ٢: ١٥؛ كولوسِّي ٤: ٥، ٦؛ ١تسالونيكي ٤: ١١، ١٢؛ تيطس ٢: ٩، ١٠). إذا تغيَّرَت حياتنا بقوَّة الإنجيل، فإنَّ أماكن العمَل، والعائلات، والزيجات، والصداقات، والعالم كلَّه سيتأثَّر. فالله مهتمٌّ بهذا العالم المادِّيِّ. السؤال الجيِّد الذي يجب أن تطرحه كلُّ كنيسة، إذا كانت كنيستنا ستغلق، هل سيلاحظ أيُّ شخصٍ في حيِّنا الفارق؟

إيَّان ك. سميث هو مؤلف كتاب: Not Home Yet: How the Renewal of the Earth Fits into God's Plan for the World


عن الكاتب:

إيَّان ك. سميث Ian K. Smith، مدير كلِّيَّة المسيح، سيدني، حيث يعلِّم أيضًا اللغة اليونانيَّة والعهد الجديد. خدم أيضًا خدمة راعويَّة كمُرسَل في جزيرة Vanuatu في المحيط الهادي. يعظ بانتظام في الكنائس، والمؤتمرات، وأماكن أخرى.


تُرجِم هذا المقال عن الأصل الإنجليزي 10Things You Should Know about the New Heavens and the New Earth بعد الحصول على إذن من Crossway