(متى ٢٦: ٢٦- ٢٨)
"وَفِيمَا هُمْ يَأْكُلُونَ أَخَذَ يَسُوعُ ٱلْخُبْزَ، وَبَارَكَ وَكَسَّرَ وَأَعْطَى ٱلتَّلَامِيذَ وَقَالَ: «خُذُوا كُلُوا. هَذَا هُوَ جَسَدِي». وَأَخَذَ ٱلْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلًا: «ٱشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، لِأَنَّ هَذَا هُوَ دَمِي ٱلَّذِي لِلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ ٱلَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا."
من أكتر الحاجات اللي بتميز المسيحية هي إنها قصة واحدة بتحكي عن علاقة الله بشعبه، ولو حبينا ندي عنوان واحد للقصة دي هيكون "أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا" وممكن كمان نسميها قصة إسترداد.
من بعد السقوط في تكوين ٣ وإحنا بنشوف قصة إسترداد الله للبشرية، فالإنسان كان مخلوق في علاقة عهدية وشركة مع الله، وبعد السقوط تدخّل الله علشان يسترد الإنسان، والإطار اللي هيسترد الله من خلاله الإنسان هو برضه العهد.
العهد هو إتفاق بين طرفين على تكوين علاقة بينهم، وبيبقى في شروط وإمتيازات ومسئوليات للعهد. ساعات بتبقى العهود بين أطراف متساوية؛ لكن كمان ممكن تكون العهود بين طرف أعظم وطرف أقل، والعهود اللي بين الله والإنسان هي من النوع ده، وهي عهود بيحُط الله فيها الشروط والإمتيازات والمسئوليات.
وفي ليلة الصليب والمسيح بياكُل ذبيحة الفصح مع التلاميذ، نطق المسيح بالكلمات مرتبطة بعهد اسمه العهد الجديد " وَأَخَذَ ٱلْكَأْسَ وَشَكَرَ وَأَعْطَاهُمْ قَائِلًا: «ٱشْرَبُوا مِنْهَا كُلُّكُمْ، لِأَنَّ هَذَا هُوَ دَمِي ٱلَّذِي لِلْعَهْدِ ٱلْجَدِيدِ ٱلَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ ٱلْخَطَايَا." (متى ٢٦: ٢٨).
زي ما قولنا إحنا قدام قصة واحدة، الله بيسترد فيها شعبه، وكل ما مشينا في القصة كل ما شوفنا تفاصيل أوضح، لغاية ما نوصل لذروة القصة وقت مجيء المسيح، فالعهد اللي عمله الله لشعبه من وقت السقوط اسمه عهد النعمة، لإن الله في نعمته تنازل ووعد الإنسان بإنه يخلّصُه ويردُه له مرة تانية مع إنه مايستحقش. فأول حاجة لازم نفهمها هو إن الله بيعمل "عهد النعمة" ده مع خُطاة مايستحقوش أي شيء غير الدينونة.
مش بس كده، ده في العهد ده الله بيتعهد بإنه يعمل كل ما يلزم إنه يرجع شعبه له مرة تانية؛ ومن وقت آدم، وعد الله بإنه يسترد الإنسان له مرة تانية، بإنه يحُط عداوة بين الحية وبين المرأة، وبين نسل الحية ونسل المرأة (تكوين ٣: ١٥).
فالله من البداية بيوعد بإنه يصالح الإنسان لنفسه، والمصالحة دي مش هتحصل إلا من خلال ذبيحة وموت؛ فبحسب العهد، الله بيوعد إنه هيشيل العداوة اللي بينه وبين شعبه ويحط محبة في قلبهم علشان يرجعهم له.
وطول التاريخ فِضل الله يوضح تفاصيل العهد ده، من خلال عهوده مع إبراهيم ومع موسى ومع داود، وفي كل العهود دي بنشوف إزاي ربنا بيدخُل في العلاقة مع شعبه بالنعمة، مش علشان هما بيستحقوا، وفي نفس الوقت فِضل يعلمهم إن علشان المصالحة دي تحصل والإسترداد يتم، لازم هيكون في سفك دم.
لكن في كل العهود دي، كان الله بيفهمهم الأمر في شكل صور وظلال: زي الذبايح والكهنوت والمُلك والهيكل. كل الصور دي كانت بتشاور على المسيح اللي جاي واللي فيه هيتحقق العهد، لغاية ما جه النبي إرميا وقال لينا في إرميا ٣١: ٣١-٣٤ إن الله بيوعد شعبه إنه في يوم من الأيام هيقطع مع الشعب عهد جديد، وفي العهد ده الله بيوعد إنه يكتب شريعته على قلوب شعبه، يعني هيخليهم يحبوا وصاياه، وكمان بيوعد في نفس العهد إنه يغفر كل خطاياهم.
وفي يوم خميس العهد، المسيح بيعلن إنه هو وسيط العهد الجديد، وإن دمه هو دم العهد الجديد (لوقا ٢٢: ٢٠؛ عبرانيين ١٣: ٢٠) اللي إشترى وضمن تحقيق وعود الله لينا في العهد الجديد، وبكده هيحقق الله الوعود بإنه يغفر لينا خطايانا، وإنه يغيّرنا من جوة بعمل روح المسيح.
قد إيه مُعزي إن إستردادنا وتغييرنا مضمون، مش بسبب حاجة عملناها ولا هنعملها، لكن بسبب عمل المسيح لأجلنا. تمن التغيير والإسترداد ده، هو موت المسيح على الصليب، فالمسيح مماتش علشان بس يعرِض التغيير والخلاص على شعبه، لكنه في موته ضمن مصالحة وإسترداد شعبه بالكامل.
علشان العنوان الكبير يتحقق "أَكُونُ لَهُمْ إِلهًا وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْبًا".
- قرأت 1098 مرة