المسيح رئيس الكهنة

سلسلة: 

(عبرانيين ٥: ١)

"لِأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ مَأْخُوذٍ مِنَ ٱلنَّاسِ يُقَامُ لِأَجْلِ ٱلنَّاسِ فِي مَا لِلهِ، لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ عَنِ ٱلْخَطَايَا،"

ركِّز كاتب العبرانيين على دور جوهري للمسيح، وهو دوره كرئيس كهنة. إيه هي مؤهلات رئيس الكهنة؟ وإزاي بياخد الدور ده؟ وهي إيه طبيعة شغله؟… كل دي حاجات كاتب العبرانيين بيشرحها لينا.

أول حاجة بيقولها لينا إن رئيس الكهنة لازم يكون له طبيعة الناس اللي بيمثلهم، ولازم يكون على علاقة بالناس اللي هيتدّخل علشان مصلحتهم. فهو "... مَأْخُوذٍ مِنَ ٱلنَّاسِ يُقَامُ لِأَجْلِ ٱلنَّاسِ…".

كمان كاتب العبرانيين بيقول إن اللي هيقوم بالدور ده مش بيرشّح نفسه علشان يعمل كده، ولا حتى الناس بترشّحُه علشان يعمل الدور الكهنوتي ده، لكن بيقول "لَا يَأْخُذُ أَحَدٌ هَذِهِ ٱلْوَظِيفَةَ بِنَفْسِهِ، بَلِ ٱلْمَدْعُوُّ مِنَ ٱللهِ… " (عبرانيين ٥: ٤). يعني الله نفسه هو اللي لازم يدي الوظيفة دي للشخص اللي يختاره، ويكمل الكاتب ويقول إن المسيح نفسه أخذ الوظيفة دي من الله "كذَلِكَ ٱلْمَسِيحُ أَيْضًا لَمْ يُمَجِّدْ نَفْسَهُ لِيَصِيرَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ، بَلِ ٱلَّذِي قَالَ لَهُ: «أَنْتَ ٱبْنِي، أَنَا ٱلْيَوْمَ وَلَدْتُكَ»" (عبرانيين ٥: ٥).

الحاجة التانية اللي بيقولها كاتب العبرانيين هو إن رئيس الكهنة "... يُقَامُ لِأَجْلِ ٱلنَّاسِ فِي مَا لِلهِ،… " يعني شُغله خاص بعلاقتهم بالله، بيعمل حاجة مُقدمة لله. كل جوانب الكهنوت ومسئوليته موجهة لله. فرئيس الكهنة بينوب عن الناس، وبيوجِّه اللي بيعمله ناحية ربنا، وأهم وأول حاجة بيعملها هي "... يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ عَنِ ٱلْخَطَايَا،" ويأكد الكاتب نفس الكلام في عبرانيين ٨: ٣ "لِأَنَّ كُلَّ رَئِيسِ كَهَنَةٍ يُقَامُ لِكَيْ يُقَدِّمَ قَرَابِينَ وَذَبَائِحَ…" وهو ده الدور اللي المسيح عمله بصفته رئيس الكهنة. كان لازم يقدم ذبيحة لله، لإن زي ما قولنا دور رئيس الكهنة دايمًا موجَّه لله، والذبيحة دي عن الخطايا. والنص مش بيقول هيقدم ذبيحة بس عن الخطية بشكل عام لكن عن الخطايا، أي خطايا؟ خطايا الناس اللي بيمثلهم، الناس اللي الله أقامُه علشان يمثلهم.

هو ده معنى كفارة المسيح اللي بنشوفها مشروحة في دور المسيح الكهنوتي، وهو بيقدم نفسه لله ذبيحة للتكفير عن خطايا شعبه. أوعى تتخيل مشهد الصليب وكإن المسيح فيه مجرد ضحية بيتألم فيها بصفته شخص بريء.

موت المسيح مكانش فيه المسيح سلبي بيتعرَّض لأمور بتحصل ضده، المسيح على الصليب كان بيعمل دور إيجابي، كان بيقدم نفسه بصفته رئيس كهنة.

لو المسيح كان بس بيتألم على الصليب، لو مكانش بيعمل دور إيجابي، لو مكانش بيقدم نفسه فيبقى كان بس حمل أو ذبيحة. والسؤال هنا يبقى مين كان بيقدم الذبيحة دي؟ مين كان رئيس الكهنة اللي كان بيقدم الذبيحة دي على الصليب؟… مانقدرش نقول الله الآب ولا نقدر نقول الروح القدس، لإن زي ما قولنا رئيس الكهنة لازم يكون مأخوذ من الناس، الابن المُتأنِّس كان مأخوذ من الناس.

المسيح كان هو الذبيحة وهو رئيس الكهنة. المسيح مكانش مجرد شخص بيتألم وهو بيموت على الصليب وهو بيتحمِّل دينونة خطايانا... المسيح كان بيقدم نفسه لله لأجل خطايا شعبه. 

مفيش حد فينا وهو بيموت بيبقى إيجابي، الموت حاجة بتحصل فينا، حاجة بنتحمِّلها، لكن المسيح كان بيعمل دور إيجابي في موته، كانت مُهمتُه إنه يموت، هو جِه علشان يموت ويقدم نفسه فدية عن كثيرين. أيوة المسيح تألم من الخُطاة، أيوة اليهود سلِّموه والرومان قتلوه والشيطان جربه وعذبه والآب سحقه بالحَزَن، لكنه كمان ثبَّت وجهه نحو أورشليم، المسيح كان بيقدم نفسه لله بصفته رئيس الكهنة، بيقدم نفسه ذبيحة لله عن خطايا شعبه، المسيح كان في مُنتهى القوة في مشهد الصلب، مع كل الألم والعذاب والتجريح والتهزيق اللي إتعرض له، ماتهاونش وماتراجعش لحظة إنه يكمل دوره كرئيس كهنة، محبته للكنيسة كانت فوق الوصف، المسيح أحب الكنيسة وبذل نفسه لأجلها (أفسس ٥: ٢٥).

بُصّ معايا على الشواهد دي وسبِّح الله وإنت بتشوف يعني إيه المسيح كان بيعمل دور إيجابي وهو بيموت على الصليب:

(إشعياء ٥٣: ١٢) "لِذَلِكَ أَقْسِمُ لَهُ بَيْنَ ٱلْأَعِزَّاءِ وَمَعَ ٱلْعُظَمَاءِ يَقْسِمُ غَنِيمَةً، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ سَكَبَ لِلْمَوْتِ نَفْسَهُ وَأُحْصِيَ مَعَ أَثَمَةٍ،… "

(مرقس ١٠: ٤٥) "لِأَنَّ ٱبْنَ ٱلْإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ."

(يوحنا ١٠: ١١، ١٧، ١٨) "أَنَا هُوَ ٱلرَّاعِي ٱلصَّالِحُ، وَٱلرَّاعِي ٱلصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ ٱلْخِرَافِ... لِهَذَا يُحِبُّنِي ٱلْآبُ، لِأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لِآخُذَهَا أَيْضًا. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضًا. هَذِهِ ٱلْوَصِيَّةُ قَبِلْتُهَا مِنْ أَبِي."

(غلاطية ٢: ٢٠) "... فَمَا أَحْيَاهُ ٱلْآنَ فِي ٱلْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي ٱلْإِيمَانِ، إِيمَانِ ٱبْنِ ٱللهِ، ٱلَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لِأَجْلِي."

(أفسس ٥: ٢) "وَٱسْلُكُوا فِي ٱلْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا ٱلْمَسِيحُ أَيْضًا وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لِأَجْلِنَا، قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً لِلهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً."

(عبرانيين ١: ٣) "ٱلَّذِي، وَهُوَ بَهَاءُ مَجْدِهِ، وَرَسْمُ جَوْهَرِهِ، وَحَامِلٌ كُلَّ ٱلْأَشْيَاءِ بِكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ، بَعْدَ مَا صَنَعَ بِنَفْسِهِ تَطْهِيرًا لِخَطَايَانَا، جَلَسَ فِي يَمِينِ ٱلْعَظَمَةِ فِي ٱلْأَعَالِي،"

(عبرانيين ٩: ٢٤-٢٦) "لِأَنَّ ٱلْمَسِيحَ لَمْ يَدْخُلْ إِلَى أَقْدَاسٍ مَصْنُوعَةٍ بِيَدٍ أَشْبَاهِ ٱلْحَقِيقِيَّةِ، بَلْ إِلَى ٱلسَّمَاءِ عَيْنِهَا، لِيَظْهَرَ ٱلْآنَ أَمَامَ وَجْهِ ٱللهِ لِأَجْلِنَا. وَلَا لِيُقَدِّمَ نَفْسَهُ مِرَارًا كَثِيرَةً، كَمَا يَدْخُلُ رَئِيسُ ٱلْكَهَنَةِ إِلَى ٱلْأَقْدَاسِ كُلَّ سَنَةٍ بِدَمِ آخَرَ. فَإِذْ ذَاكَ كَانَ يَجِبُ أَنْ يَتَأَلَّمَ مِرَارًا كَثِيرَةً مُنْذُ تَأْسِيسِ ٱلْعَالَمِ، وَلَكِنَّهُ ٱلْآنَ قَدْ أُظْهِرَ مَرَّةً عِنْدَ ٱنْقِضَاءِ ٱلدُّهُورِ لِيُبْطِلَ ٱلْخَطِيَّةَ بِذَبِيحَةِ نَفْسِهِ."