مزمور 92

عنوان هذا المزمور هو "مزمور تسبيحة ليوم السبت"، أي يوم الراحة. لا تعني كلمة الراحة هنا مجرد الاسترخاء وعدم فعل أي شيء كمحاولة لاسترداد الطاقة. في الحقيقة، يؤكد الكتاب المقدس إن الطريقة الرئيسية التي يجدد بها يوم الراحة طاقتنا وقوتنا وفرحنا هي العبادة. لأول مرة في سنوات كثيرة بسبب فيروس كورونا، قررت الكثير من الكنائس عبر العالم ألا تجتمع لعبادة الله في اللقاء الأسبوعي لشعب الرب في يوم الرب. وها نحن أمام مزمور يبرز فرح وبهجة المؤمنين بعبادة الرب وخاصة في يوم الرب. يبدأ كاتب المزمور بالتأكيد على أن تسبيح الرب وحمده هي بهجة ولذة المؤمن في الصباح والمساء (مز ٩٢: ١-٢) أي في كل الأيام وبالطبع في يوم السبت يوم الراحة. إن العبادة هي تعبير شعب الله عن فرحه بإلهه صاحب كل السلطان وامتنانه لصنيعه وصلاحه معه.

يتحدث المزمور عن فئة أخرى وهي الأشرار وفاعلي الإثم لا تكترث بالعبادة ولا تشعر بأنها قد فقدت شيئًا هامًا. يروا الأحداث من حولهم ولا يروا يد الله فيما يحدث. لكن مثل هؤلاء مصيرهم الإبادة في النهاية حتى وإن بدوا في خير حال الآن (مز ٩٢: ٦-٧، ٩). هم مثل العشب الذي ينمو  قليلًا ولكنه لن يبقى إلى الأبد، سوف ينزع أخيرًا. على النقيض يختم المزمور بالحديث عن الصديقين الذين يشبههم بالأشجار المعمرة التي تبقى لأوقات طويلة كالنخلة وينمون كشجر الأرز في لبنان. مثل هؤلاء المحبين لله ولعبادته يصفهم بالمغروسين في بيت الرب، أي الذين سيبقون في محضر الله إلى الأبد. وحده الوجود في محضر الله يجعل الإنسان ينمو ويثمر، حتى في الشيبة تتجدد قوتهم ليخبروا باستقامة الرب ويشهدوا عنه للآخرين (مز ٩٢: ١٤-١٥).

 في هذه الأوقات العصيبة، قصد الله في عنايته وسلطانه ألا نجتمع معًا في يوم الرب لنعبده. هذا اليوم الذي يجتمع شعب الله معًا للتعبير عن امتنانهم ومحبتهم وخضوعهم لله مستمتعين بكل وسائط النعمة التي منحنا إياها في رحمته مثل سماع كلمة الله مقروءة ومشروحة، والتناول من مائدة الرب، وشركة المؤمنين. اليوم الذي نعبر فيه عن اشتياقنا للشركة الأبدية مع الله. هل تفتقد يوم العبادة؟ اختبر شعب الله قديمًا أن يذهب للسبي دون أن يتمكن من عبادة الله في هيكله، وكم كان هذا قاسيًا على المؤمنين الحقيقيين. هل تشعر بهذا الحزن وتشتاق للوجود مع شعب الله في محضر الله؟ اصرخ للرب طالبا بأن يتحنن علينا ليعبر هذا الوقت سريعًا ونتمكن من الاجتماع ثانية قائلين: "حَسَنٌ هُوَ الْحَمْدُ لِلرَّبِّ وَالتَّرَنُّمُ لاسْمِكَ أَيُّهَا الْعَلِيُّ."