مزمور 93

من أهم المواضيع التي يؤكد عليها سفر المزامير هو مُلك الله. يبدأ مزمور ٩٣ بهذا التصريح بأن الله هو الملك على كل الخليقة. في الوقت الذي يقف فيه كل ملوك ورؤساء العالم عاجزين لا يستطيعون مواجهة فيروس لا يُرى بالعين المجردة، يقضي على حياة الكثير من شعوبهم، يذكرنا هذا المزمور أن الله هو الملك صاحب كل القدرة والسلطان. وهو ليس ملكًا يمكن أن تتزعزع مملكته أو تنقلب بسبب أي اضطرابات أو أمراض أو أي قوى (مزمور ٩٣: ١). كما يقول كاتب العبرانيين أن المسيح هو حامل كل الأشياء بكلمة قدرته (عبرانيين ١: ٣)، فلا يوجد شيء يحدث أو يتم خارج عن سيطرته. يجلس الله على عرشه منذ الأزل وإلى الأبد (مزمور ٩٣: ٢).

ثم يتكلم كاتب المزمور عن أحد قوى الطبيعة التي يخشاها الكثيرون وهي البحار والفيضانات والتي يمكن أن تمثل في هذا الوقت الفوضى والشر. أيا كانت شدة وقوة هذه القوى الطبيعية، الرب في العلى أقدر (مزمور ٩٣: ٤). العالم ليس مسرحًا لمعركة بين قوتين عظمتين هما الخير والشر. لا يوجد أحد ولا توجد قوة يمكن أن تقف أمام الله. الرب هو من وضع للبحر حدًا. يذكرنا هذا المزمور بمشهد في العهد الجديد حيث نرى المسيح وهو يهدأ العاصفة (مرقس ٤: ٣٥-٤١). بكلمة منه تخضع أعظم القوى وأشدها وتصير ساكنة. والمسيح لم يكن له فقط سلطان على قوى الطبيعة ولكنه جاء ليواجه فوضى الشر والخطية أيضًا على الصليب. ولأن هذا هو الإله الحقيقي الذي أعلن لنا كلماته ووعوده وشهاداته وتحذيراته وتشجيعاته، أي أناس خاضعين له يجب أن نكون. يختم كاتب المزمور بدعوة للقداسة، أي الانفصال عن الخطية والشر، والتكريس لخدمة وتمجيد الله الملك إلى الأبد (مزمور ٩٣: ٥).

من السهل أن نقول ونرنم بأن الله هو الملك، ولكن هل هذه الحقيقة متأصلة في قلوبنا وعقولنا بالشكل الكافي؟ مع كل الاضطرابات التي تراها تحدث حولك في العالم كله، بل وفي حياتك أنت شخصيًا، تذكر أن الله مازال على العرش، لم ولن تخرج الأمور عن السيطرة أبدًا. لا توجد قوى في الطبيعة أو في الشعوب يمكن أن تهدد مصير أبناء الله الأبدي. ليس لأنهم أقوياء ولكن لأن الله أبيهم هو الملك الجالس على العرش، لذلك لا نخاف مثل الآخرين حتى وإن أصابنا هذا المرض. فالرب مازال على العرش، وهذا الإله هو الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين. لا يمكن لشيء أن يفصل محبته عنا. لذلك لنحيا في خضوع وقداسة شاهدين عن إيماننا وثقتنا في إلهنا.