مزمور 94

اقرأ مزمور ٩٤: ١-١١

 

في مزمور ٩٣ رأينا الله الملك الجالس على العرش، وها مزمور ٩٤ يؤكد على أحد أهم أدوار الله الملك وهو إجراء العدل. يصرخ كاتب المزمور طالبًا من الله أن يجازي المستكبرين (مز ٩٤: ٢)، الذين يقهرون الضعفاء ويستغلونهم. من سمات هؤلاء المستكبرين الاعتقاد بأن الله لا يرى ومهما فعلوا من افتراء فلن يحدث شيئًا. كأن الله بعيدًا لا يبصر ولا يسمع ولا يكترث. يعدد كاتب المزمور شرورهم وفجورهم. فهم يتكلمون بوقاحة وكبرياء، يسحقون شعب الله ويذلونه، لا يبالوا بالأرملة واليتيم والغريب (مز ٩٤: ٤-٧). كل ما يفعلونه يعبر عن عدم الإيمان بالله أو بوجوده أو قدرته على العقاب.

 

ثم يرد كاتب المزمور على لسان حال الأشرار "الرب لا يبصر، وإله يعقوب لا يلاحظ" (مزمور ٩٤: ٧). هل يمكن لغارس الأذن وصانع العين ومؤدب الأمم ومعلم الإنسان ألا يعرف ما يحدث؟ الرب يراقب كل شيء ويعرف كل شيء، حتى أفكار الإنسان التي لا يراها أحد، فهو يعرفها جيدًا (مز ٩٤: ٨-١١). الله الديان العادل قاضي لا يحتاج إلى شهود، وحكمه سيكون دائمًا عادلًا تمامًا. وها نحن نرى في هذه الأيام لمحة من عدله وقدرته.

 

نعيش في وقت خاص جدًا الآن، حيث نرى الله يوقف أكبر وأعظم الشركات والمصانع، بل ويشل حركة أعظم المؤسسات والدول في العالم. ما كنا لا نتخيل أنه يمكن أن يتوقف، صار في حالة تعطل تام. ولا أحد يقدر أن يجزم متى تعود الحياة لوضعها الطبيعي مرة أخرى. كل خطط العالم ومشروعاته قد تعطلت. ما نراه هو انذار قوي من الله أن يراجع الجميع حياته. في وسط أعمالنا وانشغالنا بالحياة كثيرًا ما ننسى أن الله هو الجالس على العرش. كبريائنا قد يجعلنا نظن أنه لا توجد قوة تستطيع أن توقفنا. لكن الساكن في السماوات يضحك! المذهل هو أن العالم قد لا يكترث لما يحدث أو لا يعود يفكر في الخالق وقدرته ولكنه يستمر في تجاهله بل وفي الكثير من الأحيان يقوم بإلقاء اللوم على الله بسبب هذا المرض اللعين بدلا من التوبة والرجوع إليه وطلب رحمته.

 

معرفة هذه الحقيقة عن الله، أي إنه يعرف كل شيء ويرى كل شيء، كما إنه هو القاضي العادل صاحب كل السلطان قد تكون حقيقة معزية لنا ونحن نعيش في عالم شرير يبدو فيه الظالم والمستكبر وكأن لا أحد يقدر أن يوقفه. لكن في نفس الوقت يجب أن يكون عدل الله ومعرفته بكل شيء تحديًا لنا إن كانت حياتنا تدور حول تسديد احتياجاتنا وراحتنا غير مبالين لكل من هم في حاجة من حولنا. الكثيرون يتألمون ويعانون بشدة من حولنا في هذه الأيام الصعبة بسبب المرض أو العوز وقد نكون غير مبالين، تذكر أن الله يرى ويعرف وهو الديان العادل.