مزمور 125

الرغبة في الأمان تشغل بال الجميع، حتى الدول الكبرى تحاول أن تبني جيوشًا وتطور أسلحة تجعلها دائمًا شاعرة بالأمان. أيضًا وقت كتابة المزامير، كانت المدينة الآمنة هي المدينة المحاطة بالجبال التي تشكل بالنسبة لها خط دفاع طبيعي من الأعداء. كانت أورشليم مدينة مبنية على جبل وفي نفس الوقت محاطة بالجبال، لذا الهجوم عليها كان صعب للغاية. يستخدم كاتب المزمور هذا المشهد ليصف حقيقة أكثر عمقًا وأهمية وهي حماية الله الدائمة لشعبه "الرب حول شعبه من الآن وإلى الدهر" (عدد ٢).

الهجوم على شعب الله لا يأتي من الخارج فقط بل يمكن أن يأتي من الداخل أيضًا. كثيرًا ما يقوم أشرار للقيادة داخل شعب الله وقد رأينا أمثلة كثيرة في تاريخ شعب الله لأشرار صاروا في مكان القيادة مثل آخاب وإيزابل. وعندما يقود الشعب قادة فاسدين أو معلمين غير أمناء لكلمة الله تكون النتيجة ضلال للشعب كله. لكن المزمور يؤكد أن الله لا يترك شعبه الحقيقي لمثل هذا الضلال بل يتدخل وينزع مثل هؤلاء من أماكن القيادة. فيقول كاتب المزمور "لا تستقر عصا (أي صولجان) الأشرار على نصيب الصديقين" (عدد ٣). من الهام تذكر أن المؤمنين هم شعب الله، هم كنيسته التي يغار عليها ولا يتخلى عن حمياتها أبدًا. فلنحذر من القادة والمعلمين والكذبة ولنمتحن كل ما نسمع في ضوء كلمة الله.

في الأوقات الصعبة التي يمر بها شعب الله، يظهر المؤمنون الحقيقيون. المعادن الحقيقية تعلن عن نفسها. وفي وسط الضيقات والآلام المتوكلون على الرب يكونون مثل جبل صهيون الذي لا يتزعزع (عدد ١). أما المزيفين فتجرفهم الشرور وينساقوا وراء الإثم والشر والتعاليم المزيفة. يختم الكاتب المزمور مشيرًا إلى أن حق الله سيظهر في النهاية حيث سيكافأ مستقيمي القلوب أما هؤلاء الذين كذبًا أعلنوا إيمانهم بالله ولكنهم تحت قيادة الأشرار والتعاليم الزائفة ذهبوا إلى طرق معوجة، فسيدينهم الله مع فعلة الإثم.

أخيرًا، السلام الحقيقي هو وعد للمؤمنين الحقيقيين الذين يضعوا ثقتهم حقًا في الله ويرفضون الانسياق وراء الشر والتعاليم المزيفة. سلام على إسرائيل الحقيقي، أي شعب الله الحقيقي الذين يتبعون الله حتى في أصعب المواقف. لمثل هؤلاء يقول المزمور أن الله هو الحماية الحقيقية وهو مثل الجبال التي تحيط بشعبه، وأنه حتى وإن ساد الأشرار لفترة فهي لن تدوم وسيأتي وقت ينزع الله مثل هؤلاء تمامًا. المسيح يجلس الآن على يمين عرش الله وهو الملك الحقيقي للكنيسة، هو من يحمي شعبه، وهو من يوكل قادة ومعلمين على كنيسته. وهو أيضًا من سيأتي ليدين في النهاية مفرقًا بين الحقيقيين والمزيفين. المسيح يقود شعبه حتى يصلوا إلى السماء الجديدة والأرض الجديدة حيث يسكن السلام والبر الأبدي.