هيرودس وبيلاطس

هيرودس وبيلاطس البنطي، اسمين مشهورين جدًا في تاريخ المسيحية ويمكن في التاريخ عمومًا، وشهرتهم مرتبطة بدورهم المهم اللي عملوه وقت الحكم على الرب يسوع المسيح.

واحد زي بيلاطس، ده اسمه بيتقال تقريبًا في معظم دول العالم كل إسبوع وهما بيرددوا قانون الإيمان، وبيقولوا إن المسيح إتصلب على عهد بيلاطس البنطي! شهرة ما بعدها شهرة لكنها للأسف أسوأ سُمعة ممكن واحد يكتسبها.

بيلاطس كان بيحاول يحمي نفسه في المشهد ده، الموقف كان بيغلي أصلًا، وقت عيد الفصح بتبقى مشاعر اليهود فيه مُلتهبة، والرومان بيبقوا عاملين حساب إن ممكن تقوم ثورة ضدهم، وعلشان كده الحاكم الروماني بيكون موجود في أورشليم، وفي يوم عيد الفصح قرر اليهود إنهم ياخدوا يسوع علشان يتحكم عليه بالإعدام من بيلاطس، كانوا عايزين يقتلوه بتهمة التجديف، لكن ده مكانش في سلطانهم، وكانوا عايزين يخلّوا بيلاطس هو اللي يحكم عليه بأي شكل!

لكن إزاي ممكن يخلوا الحاكم الروماني يحكم عليه بالإعدام؟

إتهموا المسيح بإنه بيضِلّ الأمة، وكإنه عايز يقود ثورة، وإنه مش عايز الجزية تدفع لقيصر، وإنه بيقول على نفسه إنه ملك، من الآخر عايزين يتهموا المسيح بإنه خاين وضد قيصر، ضغط رهيب على بيلاطس وفي التوقيت الصعب ده بالتحديد، وبيلاطس علشان يحاول يلاقي حل سأل المسيح بشكل مباشر هو إنت ملك اليهود؟ والمسيح قاله إنت اللي قولت، وبعدها بنشوف إن رأي بيلاطس كان واضح: "... إِنِّي لَا أَجِدُ عِلَّةً فِي هَذَا ٱلْإِنْسَانِ." (لوقا ٢٣: ٤)، لكن اليهود ماسكتوش وفضلوا يضغطوا على بيلاطس، وفي النُص سمع بيلاطس إن المسيح جليلي، فقال خلاص يبقى هيرودس اللي يحاكمه وبعتُه فعلًا لهيرودس اللي كان الوقت ده في أورشليم برضه (لوقا ٢٣: ٧).

هيرودس ده كان ابن هيرودس الكبير بتاع مذبحة أطفال بيت لحم، وهو اللي قطع رأس يوحنا المعمدان بسبب رقصة من بنت مراته، كان ملك قاسي ومعدوم الأخلاق تمامًا، ولما شاف يسوع إنبسَط لإنه كان سمع عنه وطلب منه إنه يعمل قدامه معجزة، سأل المسيح أسئلة كتيرة، لكن المسيح مردش عليه، وبرضه كان في ضغط من اليهود على هيرودس، لوقا يقول: "وَوَقَفَ رُؤَسَاءُ ٱلْكَهَنَةِ وَٱلْكَتَبَةُ يَشْتَكُونَ عَلَيْهِ بِٱشْتِدَادٍ،" (لوقا ٢٣: ١٠)، وفعلًا إحتقره هيرودس مع العساكر بتاعته، واستهزأوا بيه ولبسوه لبس بيلمع تريقة منهم عليه بإنه ملك ورجعوه لبيلاطس تاني. 

حاول بيلاطس إنه يحرر يسوع، وعرض عليهم يختاروا ما بينه وبين بارباس المجرم القاتل، لكن اليهود صرخوا وأصروا إنه يسوع يتصلب، "فَلَمَّا رَأَى بِيلَاطُسُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ شَيْئًا، بَلْ بِٱلْحَرِيِّ يَحْدُثُ شَغَبٌ، أَخَذَ مَاءً وَغَسَلَ يَدَيْهِ قُدَّامَ ٱلْجَمْعِ قَائِلًا: «إِنِّي بَرِيءٌ مِنْ دَمِ هَذَا ٱلْبَارِّ! أَبْصِرُوا أَنْتُمْ!».  فَأَجَابَ جَمِيعُ ٱلشَّعْبِ وَقَالُوا: «دَمُهُ عَلَيْنَا وَعَلَى أَوْلَادِنَا».  حِينَئِذٍ أَطْلَقَ لَهُمْ بَارَابَاسَ، وَأَمَّا يَسُوعُ فَجَلَدَهُ وَأَسْلَمَهُ لِيُصْلَبَ." (متى ٢٧: ٢٤-٢٦).

مع إن بيلاطس وهيرودس مالقيوش أي علة في المسيح، لكنهم إحتقروه وحكموا عليه بالموت. لوقا بيزود تفصيلة صغيرة في القصة ويقول: "فَصَارَ بِيلَاطُسُ وَهِيرُودُسُ صَدِيقَيْنِ مَعَ بَعْضِهِمَا فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ، لِأَنَّهُمَا كَانَا مِنْ قَبْلُ فِي عَدَاوَةٍ بَيْنَهُمَا." (لوقا ٢٣: ١٢). الحاجة اللي اجتمع عليها بيلاطس وهيرودس هي كراهية المسيح!

المشهد بيحكي لينا إزاي البار بيموت من أجل الأثمة، حتى بيلاطس وهيرودس ماقدروش يطلعوا فيه علة واحدة، ومع ذلك شُفناهم بيستهزأوا بيه، وبيدبحوه علشان يرضوا عطش اليهود لدمه.

لما بنشوف المسيح سواء قدام بيلاطس أو قدام هيرودس، بيظهر في المشهد وكإن لا حول له ولا قوة! بيقبل الحكم والإستهزاء من واحد ورا التاني من غير ما يفتح بُقه أو يدافع عن نفسه، زي بالظبط لما إشعياء إتنبأ وقال: "ظُلِمَ أَمَّا هُوَ فَتَذَلَّلَ وَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ. كَشَاةٍ تُسَاقُ إِلَى ٱلذَّبْحِ، وَكَنَعْجَةٍ صَامِتَةٍ أَمَامَ جَازِّيهَا فَلَمْ يَفْتَحْ فَاهُ." (إشعياء ٥٣: ٧)، لكن المسيح كان عارف إن اللي بيتعمل ده مش مجرد حكم من هيرودس وبيلاطس، لكنه كان بيتحمِّل دينونة خطايا شعبه من الله نفسه! كان عارف إن هي دي الطريقة الوحيدة علشان يخلص شعبه! كان ماشي الطريق لغاية آخره!

ده اللي الكنيسة فهمته كويس بعد كده وهي بتقول : "لِأَنَّهُ بالْحَقِيقَةِ ٱجْتَمَعَ عَلَى فَتَاكَ ٱلْقُدُّوسِ يَسُوعَ، ٱلَّذِي مَسَحْتَهُ، هِيرُودُسُ وَبِيلَاطُسُ ٱلْبُنْطِيُّ مَعَ أُمَمٍ وَشُعُوبِ إِسْرَائِيلَ،  لِيَفْعَلُوا كُلَّ مَا سَبَقَتْ فَعَيَّنَتْ يَدُكَ وَمَشُورَتُكَ أَنْ يَكُونَ. (أعمال ٤: ٢٧، ٢٨)

كل تفصيلة قاسية، كل إستهزاء وظلم وإفتراء إتحملِّه المسيح، كانت جزء من خطة الله علشان يخلّص شعبه من خطاياهم!

البار إتعامل معاملة الخطاة والأثمة علشان في يوم من الأيام الأثمة يتعاملوا معاملة الأبرار!