١- القيامة هي جوهر رسالة الإنجيل، فلا يجب تجاهُلها أو عدم تقديرها
عندما يُكرَز ببشارة الإنجيل في هذه الأيَّام غالبًا ما يتمُّ تجاهل الحديث عن القيامة أو لا يتمُّ تناولها والتركيز عليها كما ينبغي أو تُذكَر بشكلٍ عابرٍ، ويكون التركيز الأكثر على الصليب وموت المسيح، رغم أنَّ العظات التي سُجِّلت في سفر أعمال الرُسل كانت تُركِّز كثيرًا على قيامة يسوع المسيح أكثر بكثير من التركيز على صليب المسيح وموته.
نجد، للأسف، أنَّ الكنيسة تحتفل بقيامة المسيح مرَّة واحدة في العام وهو في وقت الاحتفال بعيد القيامة، ولكن في الحقيقة لا بُدَّ أن تَحتفل الكنيسة بقيامة المسيح وهزيمته للموت كلَّ يوم أحد، وهذا هو السبب عينه الذي جعل الكنيسة الأولى تجتمع في أوَّل يومٍ من كلِّ أسبوع.
فتخيَّل كيف سيصبح حال الكنيسة إذا اجتمعت كلَّ أسبوع كي تحتفل بقيامة المسيح وما أعطته لنا هذه القيامة؟
٢- الإيمان بالقيامة الجسديَّة للمسيح هي عقيدة أساسيَّة في المسيحيَّة
تؤمن وتعترف جميع الطوائف المسيحيَّة -الأرثوذكسيَّة والكاثوليكيَّة والبروتستانتيَّة- بحقيقة واحدة بسيطة: أنَّ القبر فارغ ويسوع قام بالجسد. فحقًّا أنَّه أمر جدير بالذكر اتِّفاق جميع الطوائف على ذلك، إلَّا أنَّنا نجد بعض العَلمانيِّين ينكرون قيامة المسيح بالجسد، وهم بذلك بالتأكيد يتنازلون عن حقِّهم بأن يُطلق عليهم مؤمنين بالمسيح.
"المؤمن بالمسيح هو الشخص الذي يؤمن بالقيامة الجسديَّة ليسوع المسيح، ويحيا بحسب ما مَنحته هذه القيامة"، هذا هو التعريف الذي قدَّمتُه في كتابي الذي بعنوان "القيامة مع المسيح Raised With Christ"، واعتمدتُ في هذا التعريف على الوعد الواضح الذي قاله الكتاب المقدَّس على فم الرسول بولس: "لأَنَّكَ إِنِ اعْتَرَفْتَ بِفَمِكَ بِالرَّبِّ يَسُوعَ، وَآمَنْتَ بِقَلْبِكَ أَنَّ اللهَ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ، خَلَصْتَ" (رومية ١٠: ٩).
٣- القيامة تعلن لجميع العالم ألوهيَّة يسوع ومحبَّة الله له
كتب الرسول بولس في رومية ١: ٤ أنَّ يسوع "وَتَعَيَّنَ ابْنَ اللهِ بِقُوَّةٍ مِنْ جِهَةِ رُوحِ الْقَدَاسَةِ، بِالْقِيَامَةِ مِنَ الأَمْوَاتِ..."، وهذه هي القيامة التي تُعلن عن طبيعته الحقيقة للجميع: "هذَا رَفَّعَهُ اللهُ بِيَمِينِهِ رَئِيسًا وَمُخَلِّصًا... وغُفْرَانَ الْخَطَايَا" (أعمال الرسل ٥: ٣٠، ٣١).
٤- قيامة المسيح هي الأساس الذي بُنيت عليه الكنيسة، ومن دونها لَما كان وجود للكنيسة
شَعَرَ التلاميذ بأنَّهم تائهون ويائسون وخائفون بعد القبض على يسوع المسيح وموته، فنجد منهم من أنكر المسيح مثل بطرس والذين هربوا من شدَّة الخوف، ولا نجد شيئًا سوى القيامة قد بدَّل حال هؤلاء التلاميذ من أشخاص خائفين بلا رجاء إلى مُبشِّرين جريئين ينادون برسالة الإنجيل بالشكل الذي جعل الكنيسة تنمو لتصبح أكبر حركة دينيَّة عرفها التاريخ.
هل كان التلاميذ سيتكبَّدون جميع المخاطر التي واجهتهم والتي أدَّت إلى قتل البعض منهم، إن لم يكونوا على يقينٍ تامٍّ بأنَّ المسيح حقًّا قام؟ فلا يمكن أبدًا تصديق أنَّ كلَّ هؤلاء التلاميذ ماتوا من أجل المسيح وهم يدركون أنَّ قيامته مجرَّد خدعة مُدبَّرة، بل إنَّ يقينهم التامَّ في القيامة جعلتهم يقبلون جميع المخاطر التي وصلت إلى القتل.
فليست الكنيسة هي من ابتدعت قصَّة القيامة، بل إنَّ القيامة هي الأساس الذي بُنيَت عليه الكنيسة.
٥- إهمالنا للحديث عن قيامة المسيح، ربَّما يكون أحد الأسباب التي أفقدت كرازتنا قوَّتها
أخذ سبرجن Spurgeon يفكِّر ويتساءل ما أسباب ضعف وقلَّة تأثير بشارة الإنجيل في عصره، فوجد أنَّ أحد أسباب هذا الضعف هو عدم التركيز بشكلٍ كافٍ على قيامة المسيح في أثناء تقديم الرسالة، ومن هنا قرَّر أنَّه لا بُدَّ أن يؤكِّد دائمًا على القيامة في كرازته متَّبعًا في ذلك خُطوات الرسول بولس إذ كان دائمًا يُعلن الانتصار العظيم للملك المُقام من بين الأموات وهو يكرز بإنجيل المسيح الذي هو "... قُوَّةُ اللهِ لِلْخَلاَصِ لِكُلِّ مَنْ يُؤْمِنُ..." (رومية ١: ١٦)، وحين فعل سبرجن ذلك وجد النتائج مُذهلة؛ وجد الآلاف يقبلون الرسالة ويؤمنون بالمسيح.
ويتَّضح لنا من ذلك أنَّنا إن أهملنا التعليم عن قيامة المسيح ونحن نشارك بشارة الإنجيل، فعلينا ألَّا نندهش من عدم قبول الأشخاص للمسيح.
٦- بقيامة المسيح صرنا أبرارًا
حين نسأل الكثير من المؤمنين عمَّا المقصود بالتبرير، فإنَّهم سريعًا ما يفكِّرون في الصليب الذي دُفِع عليه ثمن خطايانا، ولكن إذا كان معنى التبرير هو مجرَّد إزالة الخطيَّة من حسابنا [وكأنَّه تمَّ تصفير رصيد عدَّاد الخطيَّة في حياتنا]، إذًا سيكون المؤمنون وكأنَّهم لديهم صفحة بيضاء، ينبغي أن يحيوا بقيَّة حياتهم قلقين بشأنها من أن تُلطَّخ بالخطيَّة مرَّة ثانية وتزيد الخطيَّة في حياتهم مرَّة أخرى، وهذا على العكس تمامًا ممَّا أخبرنا به الرسول بولس: "الَّذِي أُسْلِمَ مِنْ أَجْلِ خَطَايَانَا وَأُقِيمَ لأَجْلِ تَبْرِيرِنَا" (رومية ٤: ٢٥).
يسوع المسيح هو البارُّ، وهو نفسه يجسِّد حياة القداسة، واتِّحادنا به هو ما يجعلنا أبرارًا، ليس لأنَّنا لم نفعل خطيَّة أبدًا، بل لأنَّ برَّ المسيح وُضِع في حسابنا وأخذنا الطبيعة الجديدة التي تجعلنا نحيا حياة القداسة.
ولن ندرك بشكلٍ كامل فرحة الخلاص، من دون فهم هذه الحقيقة المذهلة؛
إنَّ يسوع في حياته على الأرض عاش حياة الطاعة التي كان علينا أن نعيشها، وبموته أخذ العقاب الذي كنَّا نستحقُّه، وبقيامته أعطانا حياةً جديدةً.
٧- القيامة تملأنا بفرح معرفة حقيقة أنَّ المسيح معنا في كلِّ حين!
وعدنا المسيح بأنَّه سيكون معنا إلى نهاية الدهر، معرفة هذه الحقيقة تجعلنا نرى الأمور بشكلٍ مختلف؛ إذ لا يستطع البطل الميِّت في القبر أن يُعيننا في أيِّ أمرٍ، لكن لأنَّ "المُخلِّص" قد قام وهو يجلس الآن في السماوات لدينا الثقة أنَّه معنا في كلِّ حين ونحن سنغلب معه حتَّى إن كنَّا لا نرى تلك الغلبة في العالم اليوم، وهذا بحسب ما قاله لنا المسيح: "... أَبْني كَنِيسَتِي، وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا." (متَّى ١٦: ١٨).
٨- القيامة تعطينا رجاءً
نحن نعيش في عالم ساقط، لذا نجد أنَّ كلَّ المؤمنين سيختبرون في وقتٍ ما من حياتهم الألم بسبب الحزن على أحبَّائهم، ونرى من الجانب الآخر أنَّ الرسول بولس يطلب منهم "... لاَ تَحْزَنُوا كَالْبَاقِينَ الَّذِينَ لاَ رَجَاءَ لَهُمْ." (١تسالونيكي ٤: ١٣)، فهل هذا تناقض؟ بالتأكيد لا، ولكن يريد الرسول بولس أن يقول لهم في جميع الأوقات بما في ذلك وقت الحزن تذكَّروا الرجاء الذي لكلِّ مؤمن.
فلأنَّ يسوع قام وهزم الموت، نحن سنقوم معه وسنرى يسوع وأحبَّاءنا ثانيةً، وهذا يجعلنا نتصرَّف بطريقة مختلفة عندما نحزن أو نواجه أيَّ أمرٍ.
٩- القيامة توحِّد كلَّ مؤمن بقوَّة الروح المحيي، تلك القوَّة التي أقامت يسوع من الأموات
يقول الكتاب المقدَّس عن يسوع في ١كورنثوس ١٥: ٤٥ إنَّ "... آدَمُ الأَخِيرُ رُوحًا مُحْيِيًا."، ويخبرنا الرسول بولس أنَّ الروح "... الَّذِي أَقَامَ يَسُوعَ مِنَ الأَمْوَاتِ سَاكِنًا فِيكُمْ،..." (رومية ٨: ١١)، إذًا نستطيع أن نفهم من ذلك أنَّ تلك القوَّة المذهلة التي أقامت يسوع تعمل بداخلنا كي تغيِّرنا وتعدَّنا وتقوِّينا: "وَمَا هِيَ عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ الْفَائِقَةُ نَحْوَنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ الَّذِي عَمِلَهُ فِي الْمَسِيحِ، إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ،..." (أفسس ١: ١٩، ٢٠).
١٠- لأنَّ المسيح لم يَعُد بين الأموات لكنَّه قام؛ لدينا يقين أنَّه سيأتي ثانيةً بنفسه كي يُدين العالم ويحكم عليه
يا له من أمر مُفرح للمؤمنين بأنَّ يسوع سيأتي ثانيةً، لكنَّه في الوقت نفسه بالتأكيد أمرٌ مُخيف للبعيدين عنه، ومعرفتنا بحقيقة قيامة يسوع المسيح من بين الأموات جعلت لدينا يقينًا أنَّه هو نفسه الذي سيأتي مرَّة ثانية ليُدين العالم؛ ذلك بحسب ما جاء في سفر أعمال الرسل ١٧: ٣٠، ٣١ "فَاللهُ الآنَ يَأْمُرُ جَمِيعَ النَّاسِ فِي كُلِّ مَكَانٍ أَنْ يَتُوبُوا، مُتَغَاضِيًا عَنْ أَزْمِنَةِ الْجَهْلِ. لأَنَّهُ أَقَامَ يَوْمًا هُوَ فِيهِ مُزْمِعٌ أَنْ يَدِينَ الْمَسْكُونَةَ بِالْعَدْلِ، بِرَجُل قَدْ عَيَّنَهُ، مُقَدِّمًا لِلْجَمِيعِ إِيمَانًا إِذْ أَقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ".
تُرجِم هذا المقال عن الأصل الإنجليزي 10Things You Should Know about the Resurrection بعد الحصول على إذن من Crossway