١٠ أمور ينبغي معرفتها عن الاتّحاد بالمسيح

هذه المقالة جزء من سلسلة  "١٠ أمور ينبغي معرفتها"

1. يحتوي الكتاب المقدس على عدد هائل من المصطلحات والتعبيرات والصور التي تشهد على حقيقة اتحادنا بالمسيح يسوع

نجد في العهد الجديد مئات الإشارات - حرفيًا - إلى اتحاد المؤمنين بالمسيح. فعلى سبيل المثال - لا الحصر - المؤمنون مخلوقون في المسيح (أفسس ٢: ١٠)، صُلبوا معه (غلاطية ٢: ٢٠)، دُفنوا معه (كولوسي ٢: ١٢)، اعتمدوا له ولموته (رومية ٦: ٣)، اتحدوا معه في قيامته (رومية ٦: ٥)، وجلسوا معه في السماويات (أفسس ٢: ٦). المسيح مُصوَّر في المؤمنين (غلاطية ٤: ١٩)، ويسكن قلوبنا (أفسس ٣: ١٧). الكنيسة هي جسد المسيح (1كورنثوس ٦: ١٥، ١٢: ٢٧)، والمسيح فينا (2كورنثوس ١٣: ٥)، ونحن فيه (1كورنثوس ١: ٣٠)، والكنيسة لحم من لحم المسيح وعظم من عظامه (أفسس ٥: ٣١، ٣٢)، ويربح المؤمنون المسيح ويوجَدوا فيه (فيلبي ٣: ٨، ٩).

إضافة إلى ذلك، في المسيح نحن مبرَّرون (رومية ٨: ١)، وممجَّدون (رومية ٨: ٣٠)، ومقدَّسون (1كورنثوس ١: ٢)، ومدعوون (١كورنثوس ١: ٩). أحيانا الله (أفسس ٢: ٥)، وخلقنا من جديد (2كورنثوس ٥: ١٧)، وعينَّنا للتبني (غلاطية ٣: ٢٦)، واختارنا (أفسس ١: ٤، ٥).يا للعجب! كل هذا ولم نُشِر إلى إنجيل يوحنا ولا رسائله! يكفي القول إن الاتحاد بالمسيح هو بالقطع عقيدة جوهرية أساسها الإنجيل بالنسبة للرسل، عقيدة قريبة جدًا لقلوبهم إذ كانت قريبة جدًا لقلب سيّدهم.

2. من خلال ارتباطنا بالمسيح، نُشمَل في السر الأعظم للكون - تجسد الله

يُسمِّي سي. إس. لويس تجسد الله الابن بـ"المعجزة المركزية" للمسيحية، وهو محق في ذلك. فالفداء، والاسترداد، والتجديد، ومصالحة الخطاة - وكذا مُصالحة كل الخليقة - يعتمد محوريًا على الحقيقة الأسمى أن الله - دون أن تتغير كينونته لحظةً - أخذ طبيعتنا البشرية كاملةً حين تجسد في المسيح يسوع.

لماذا فعل الله هذا؟ بكلمات أخرى، لماذا "ٱلْكَلِمَةُ صَارَ جَسَدًا"؟ السبب الرئيسي والذي ترتكز عليه كل الأسباب الرائعة الأخرى التي لأجلها اتحد الله الابن ذاته بإنسانيتنا هو: لنتحد بالمسيح بواسطة الروح القدس وهكذا نتمتع بشركة المسيح مع الآب إلى الأبد. هذه هي الحياة الأبدية (يوحنا ١٧: ٣).

3. اتحادنا بالمسيح بالغ الواقعية وحميميٌّ للغاية

الاتحاد بالمسيح في أساسه ليس مُجرد مشاعر أو لغة استعارة أو تشبيه أديب أو حتى "عقيدة"، وهو ليس طريقة للحديث عن أمر آخر - سواءً كان تبريرًا أو تقديسًا أو أي بركات أخرى في المسيح (حتى وإن كان يشمل كل ذلك وأكثر!). بل اتحادنا بالمسيح الحي هو الحقيقة الجوهرية لوجودنا الجديد والأبدي.

نحن بالحقيقة وبالحق مرتبطون - روحيًا، وجسديًا - وبطريقة تتجاوز إدراكنا المحدود تجاوزًا يفوق كل تخيلاتنا، بشخص المسيح الذي تجسد وصُلب وقام. أي بشارة أسعد من تلك!

4. لأن الاتحاد بالمسيح مركزي جدًا لرسالة الإنجيل، ترددت أصداؤه في تعليم الكنيسة وعظاتها عبر العصور.

ولا غرابة في ذلك! وبالنظر لامتداد هذا الحق عبر الكلمة المقدسة كلها، نجد أن جوقة ضخمة من الأصوات الكنسية قد أكَّدت على أهمية الاتحاد بالمسيح. هذه الجوقة اللاهوتية التاريخية تشمل آراء لاهوتيين مثل إيرينيئوس، وأثناسيوس، وأغسطينوس، وكيرلس السكندري، وبرنارد من كليرفو، ومارتن لوثر، وجون كالفن، وجون كوتون، وجوناثان إدواردز - على سبيل المثال لا الحصر.

 وفقًا لكالفن، فاتحادنا بالمسيح يُمنَح "أقصى درجات الأهمية"، لماذا؟ لأن اتحادنا بالمسيح هو بيت القصيد من الإنجيل: "لأن هذا هو تصميم الإنجيل، أن يصير المسيح لنا، ونُطعَّم  نحن في جسده."

5. التبرير أحد البركات الفائقة لاتحادنا بالمسيح

لسنا متحدين بالمسيح لأننا مُبرَّرون. على العكس تمامًا، نحن مبرَّرون لأننا اتحدنا بالمسيح، الذي هو نفسه برُّنا (1كورنثوس ١: ٣٠). نقبل بركات المسيح فقط وحصريًا لأننا نقبل المسيح. كان مارتن لوثر يعلم ذلك جيدًا، فقال:

"ولكن فيما يتعلّق بالتبرير، أنا والمسيح لا بد أن نكون مرتبطين جدًا ببعضنا البعض حتى أحيا فيه وهو يحيا فيَّ.

يا لها من طريقة مدهشة في التعبير! "لأنه يحيا فيَّ"، فأي نعمة أو صلاح أو حياة أو سلام أو خلاص فيَّ، فكله ملك المسيح، وكل هذا أمتلكُه بالارتباط والثبات اللذين من الإيمان، وبه (الإيمان) نصير (أنا والمسيح) جسدًا واحد في الروح."

6. التقديس أحد البركات الفائقة لاتحادنا بالمسيح

المسيح برّنُا، وهو أيضًا قداستُنا (1كورنثوس ١: ٣٠). لذلك، باتحادنا معه لا تُغفر خطايانا أو نتبرَّر فحسب، بل أيضًا نتغيَّر إلى صورته المقدسة.

فالمسيح  - ببذله نفسه من أجلنا - لم يتركنا مدانين ومذنبين (غير مبررين) كما أنه في الوقت ذاته لم يتركنا فاسدين ومذلولين (غير مقدسين). يرجع السبب في هذا - كما قال كالفن بشكل قاطع إلى أنه: "لا يمكن أن يُقسَّم المسيح إلى قطع."

يسوع ليس مخلِّصًا بالقطعة في إنجيل جزئيّ. بل عندما نرتبط بالمسيح، نقبل كل ما المسيح كائنه.

7. التبني أحد البركات الفائقة لاتحادنا بالمسيح

بذْل المسيح نفسَه طواعيةً هو أمر لا يُقدَّر بثمن. إذ يربطنا بنفسه بالقدر الذي به نصير شركاء كل كينونته بصفته المخلّص. هبة الاشتراك في بنوَّتهِ (التبني) ربما هي أثمن هبة على الإطلاق. عندما نرتبط بالمسيح بالروح، فنحن نشاطره الحب الذي يشاطره هو مع الآب، وهو ذات الحب الذي يُكنِّه الآب لابنه الحبيب (يوحنا ١٧: ٢٣). وهكذا، الله الآب يحبنا بذات قدر الحب الذي يكنِّه لابنه الأزلي. هذا هو الحب المتسامي فوق كل حب آخر: حب سرمدي، يصعب رفضه، لا ينضب وأبديًا يمنح حياة وفرحًا.

في المسيح نحن حقًا وبالحقيقة أبناء الله وبناته إلى الأبد.

8. شُكِّلت الكنيسة من خلال اتحادها بالمسيح يسوع

حقيقة الخلاص وحقيقة الكنيسة هما في الواقع نفس ذات الحقيقة. أن تتحد بالمسيح يعني أن تخلُص. وفي الوقت ذاته، أن تتحد بالمسيح يعني أن تكون كنيسته. فالكنيسة في نهاية الأمر هي جسد المسيح وعروسه. إذًا لا يُمكن التمييز بين عقيدة الخلاص وعقيدة الكنيسة. لا يوجد خلاص خارج الكنيسة، هذا ما أكَّد عليه دائمًا الإنجيليون عبر التاريخ، بالضبط لأنه لا يوجد خلاص خارج المسيح. نحن نخلُص في المسيح، ونحن الكنيسة أيضًا في المسيح . إنها نفس البشارة المذهلة ذاتها.

9. المعمودية هي عهد الله لنا بالارتباط بالمسيح

في مياه المعمودية، يختم الله على أجسادنا حقيقة ويقين اتحادنا بموت ودفن وقيامة المسيح الحي. المعمودية، بكلمات أخرى، هي اختبار الإنجيل مرئيًأ ومحسوسًا: الإخبار السارة القائلة بأننا صُلبنا في موت المسيح وقمنا إلى حياة جديدة في قيامته.

المعمودية هي فريضة ("سرَّ") هويتنا الجديدة المصلوبة والمقامة في المسيح يسوع.

المعمودية هي "الإنجيل [ملموسًا] في المياه" وتتيح لنا اختبار - في أجسادنا - حقيقة غمرنا الأبدي في المسيح يسوع.

10. عشاء الرب هو عهد الله لنا بالارتباط بالمسيح

في خبز وخمر عشاء الرب، يختم الله في أجسادنا حقيقة ويقين مشاركتنا المستمرة في المخلِّص الحيَّ. التناول من عشاء الرب، بكلمات أخرى، هو اختبار الإنجيل مرئيًا وقابلًا للتذوق. إذ نرى ونتذوق الأخبار السارة القائلة بأن المسيح يسكن فينا ونحن فيه. أتى المسيح بنا إلى الحياة الأبدية، التي هي كينونته (فهو نفسه الحياة الأبدية)، بواسطة إعطائنا ذاته، ويستمر في تغذيتنا وتقويتنا من خلال حضوره الحقيقي.

نحن حقًا أصبحنا واحدًا مع المسيح من خلال إنجيله، ونستمر في قبول المسيح من خلال إنجيله [المُعبَّر عنه في] الخبز والخمر اللذين عيَّنُهما وسيلة لحضوره الدائم لكنيسته وعروسه.

"كَأْسُ الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ؟ الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟ (1كورنثوس ١٠: ١٦). أجل، وبكل تأكيد، جسده ودمه هما خلاصنا.


عن الكاتب:

ماركوس بيتر جونسون Marcus Peter Johnson (دكتوراه، جامعة تورنتو) هو أستاذ مساعد في علم اللاهوت في معهد مودي للكتاب المقدس. إلى جانب كتابته لأطروحة الدكتوراه حول "الاتحاد مع المسيح في لاهوت جون كالفن"، فهو أيضًا مؤلف كتاب "واحد مع المسيح: لاهوت إنجيلي للخلاص"، والمؤلف المشارك (مع جون سي كلارك  John C. Clark) لكتاب "تجسد الله: غموض الإنجيل كأساس لللاهوت الإنجيليّ". يعيش هو وزوجته ستايسي Stacie في شيكاغو مع ابنهما بيتر Peter، وهما أعضاء في كنيسة جريس اللوثرية.


تُرجِم هذا المقال عن الأصل الإنجليزي 10Things You Should Know about Union with Christ بعد الحصول على إذن من Crossway