مُقدِّمة إنجيل متَّى

كاتِب الإنجيل:

لا ينسِب الإنجيلُ بحسب متَّى كِتابتَه إلى متَّى الرسول صراحَةً. لقد شكَّ بعضٌ في التقليد المُسلَّم به لزمنٍ طويل القائِل بأنّ متَّى هو كاتِبُ الإنجيل الذي يحمل اسمَه. يرى عُلماءُ ودارِسون مُعاصِرون كثيرون أنّ هذا الإنجيلَ قد كُتِب وجُمِع في وقتٍ مُتأخِّر وأنّه يعتمد اعتمادًا كبيرًا على مصادرَ أُخرى. غير أنَّه لا يُوجَد سببٌ وجيه يؤيِّد عدمَ دقَّةِ نسبة كتابة الإنجيل تقليديًّا إلى متَّى واعتباره كاتِبَ الإنجيل. أيضًا تُشير الأدِلَّةُ الداخِلية إلى أنّ متَّى هو كاتِبُ الإنجيل، مثل استخدامه ”للجِزية“ (٢٢: ١٩) وقصة دفْع يسوع وبطرس ضريبة الهيكل (١٧: ٢٤- ٢٧) – الأمور التي يعرفُها جابي الضرائِب حقَّ المعرفة.

ذُكِرَ اسمُ متَّى خمس مرَّاتٍ في العهد الجديد كلِّه (٩: ٩، ١٠: ٣؛ مَرقس ٣: ١٨؛ لوقا ٦: ١٥؛ أعمال ١: ١٣). يُعرَف متَّى أيضًا باسم لاوي، وكان عشَّارًا [جابيًا للضرائِب] قبل أن يدعوه يسوعُ ليكون واحدًا من تلاميذه. في متَّى ٩: ٩- ١٣، دعا يسوع متَّى إذ كان ”جَالِسًا عِنْدَ مَكَانِ الْجِبَايَةِ“، ويُعتقَد أنّ يسوعَ هو مَن جعلَ للاوي اسمَ متَّى الذي يعني ”عطية الربِّ“. وإذ كان متَّى عشَّارًا فقد تلقَّى تدريبًا كافيًا على تقنيات النسخ والكتابة التي يحتاج إليها والتي أهَّلَتْه ليكون كاتِبًا ماهِرًا.

التاريخ:

اُقتُبِسَ إنجيلُ متَّى في أواخر القرن الأوَّل أو أوائل القرن الثاني في كِتابات إغناطيوس والديداخي ”تعليم الرُّسُل“، وپوليكاربوس والرسالة التي يُظَنُّ أنّ كاتِبَها برنابا، وشهادة پاپياس المُسجَّلة في كِتابات يوسابيوس القيصري. يُقتبَس إنجيلُ متَّى في بعض هذه المصادِرِ بنفس قَدر السُّلطة التي للعهد القديم.

في ضوء المُحتوى النبويِّ للإصحاحَيْن ٢٤ و٢٥، إنّنا مُتيقِّنون أنّ إنجيلَ متَّى لم يُكتَبْ بعد سنة ٧٠م حين حدث دمارُ أورشليم. كذلك، يذكر متَّى الصدُّوقيِّين، وهُم جماعةٌ سياسية اختفَتْ بعد عام ٧٠م بفترةٍ وجيزة. ويؤرِّخ إيرينايوس، وهو واحدٌ من آباء الكنيسة الأوائل، كِتابةَ إنجيلِ متَّى إلى الوقت الذي فيه كان بطرس وبولس في روما، ومن ثَمَّ في أوائل الستينيَّات.

الموضوع:

يسوع هو المسيح وعِمَّانوئيل في الوقتِ نفسِه، الذي جاء ليتمِّم المواعيد التي قِيلَت قديمًا ويُحضِر ملكوت الله إلى الأرض بحياتِه وموتِه وقيامتِه.

القصد والهدف:

إظهار أنّ يسوعَ هو المسيَّا المَوعود به في العهد القديم، والذي بموتِه وقيامتِه يُخلِّصُ شعبَه من خطاياهم.

المُلخَّص:

الإسهام الذي يقدِّمه متَّى في إعلان الفداء

ينصبُّ اهتمامُ متَّى على المسيح (شخصه وعمله)، كما يتَّضِح من الاعتبارات التالية:

     أوَّلًا، يُظهِر متَّى أنّ يسوعَ هو المسيَّا الذي ينتظره شعبُ الله. الترتيب الزمني للإصحاح الأول يُبيِّن أنّ يسوع ينتمي إلى السُّلالةِ المَلَكية، سُلالة ”دَاوُدَ المَلِكَ“ (ع ٦). لقد انزعج ”هِيرُودُسَ المَلِكِ“ (٢: ١) من خبر ولادةِ يسوع، إذ تحدَّث الكَتبةُ عن وقتٍ فيه ”يَخْرُجُ مُدَبِّرٌ يَرْعَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ“ (٢: ٦). نادى المسيحُ بملكوت السماواتِ وكشَفَ عنه في معموديَّتِه وتجرِبته وتعليمه ومعجزاته. وضَعوا فَوق رأس يسوع على الصليب عبارةً تعلِن أنّه مَلِكٌ (٢٧: ٣٧). إنّ تكليفَ يسوعَ الأخير لتلاميذِه، في المأمورية العُظمى، مؤسَّسٌ وقائِمٌ على امتلاك يسوعَ ”كُلَّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ،“ (٢٨: ١٨). فهو المَلِكُ، مسيح الله الذي جاء إلى العالمِ ليُخلِّصَ شعبَه من خطاياهم.

     ثانيًا، بصفتِه مسيحَ الربِّ، فإنّ يسوع هو عِمَّانوئيل أيضًا، ”الَّذِي تَفْسِيرُهُ: اَللهُ مَعَنَا“ (١: ٢٣) و”ابْنِ دَاوُدَ“ (١: ١). في أثناءِ معموديَّتِه، انفتحَتِ السماوات وصرَّح اللهُ، ”هَذَا هُوَ ابْنِي الْحَبِيبُ الَّذِي بِهِ سُرِرْتُ“ (٣: ١٧). طَوال خدمته على الأرض، يُظهِر المسيحُ أنّ الهيكلَ لن يكون فيما بعد مكانًا يلتقي فيه اللهُ شعبَه، بل إنّ اللهَ يتواصل الآنَ مع شعبِه في شخص المسيح. يُركِّز متَّى على انشقاق حجاب الهيكل إلى اثنيْنِ عند موت المسيح (٢٧: ٥١). إنّ يسوعَ هو الله الساكِن في وَسْطِ شعبِه.

     ثالثًا، يسوع هو ”ابْنِ إِبْراهِيمَ“ (١: ١). المسيح هو ذُروة الوعدِ الذي وعدَ اللهُ به إبراهيم أن فيه تتبارك جميع الأمم. حذَّر يوحنَّا المَعمَدان الفَرِّيسيِّين من أن يتَّكِلوا على علاقتِهم بإبراهيم، بل أن يطلبوا اللهَ ويأتوا إليه بالتوبة (٣: ٨، ٩). كذلك، فتحَ يسوعُ بابَ الخلاصِ للأمم (٨: ١٠- ١٢، ١٥: ٢٧، ٢٨).

     رابعًا، يسوع هو موسى الجديد. تُصوِّر العِظاتُ الكثيرة، ولا سِيَّما الموعظة على الجبل (الإصحاحات ٥- ٧)، المسيحَ أنّه النبيُّ الذي أرسلَه اللهُ. وهو لم يأتِ لينقُض الناموسَ بل ليُكمِّله (٥: ١٧). لم يُنسَخْ [يُبطَلْ] ناموسُ موسى بالعهدِ الجديد The new covenant. بل إنّ تعليمَ يسوع يقدِّم التفسيرَ الصحيحَ لناموس موسى، مُظهِرًا جِديَّةَ اللعنات والبركات. على جبل التجلِّي، قال الآب هذه العبارة: ”لَهُ اسْمَعُوا“ (١٧: ٥)، التي تُذكِّرنا بكلماتِ موسى عن النبيِّ العظيم مثله، الذي ”يُقِيمُهُ الرَّبُّ“ (تثنية ١٨: ١٥)

موجَز مُحتوى الإنجيل:

أوَّلًا: شخص يسوع المسيَّا (١: ١ - ٤: ١١)

  1. سلسلة نسب يسوع، ابن داود ابن إبراهيم (١: ١- ١٧)
  2. ولادة يسوع (١: ١٨ - ٢: ٢٣)
  3. الإعداد في البرِّيَّةِ (٣: ١- ٤: ١١)
    1. كرازة يوحنَّا المَعمَدان (٣: ١- ١٢)
    2. معمودية المسيح (٣: ١٣- ١٧)
    3. تجرِبة المسيح (٤: ١- ١١)

ثانيًا: مُناداة يسوع المسيَّا (٤: ١٢ - ١٦: ٢٨)

  1. بدء كرازة يسوع (٤: ١٢ - ٧: ٢٩)
    1. دعوة التلاميذ الأوَّلين (٤: ١٢- ٢٥)
    2. الموعظة على الجبل (٥: ١- ٧: ٢٩)
  2. خدمة يسوع في الجليل: تعاليمه ومعجزاته (٨: ١ - ١١: ١)
    1. معجزات صُنِعَت في الجليل (٨: ١ - ٩: ٣٨)
    2. تعليم عن طبيعة التلمذة (١٠: ١ - ١١: ١)
  3. عمل يسوع بصفته المسيَّا (١١: ٢- ٣٠)
  4. تحدِّي سلطان يسوع (١٢: ١- ٥٠)
  5. أمثال ملكوت السماوات (١٣: ١- ٥٨)
    1. مَثَل الزَّارِع (١٣: ١- ٩)
    2. القصد من الكلام بأمثالٍ (١٣: ١٠- ١٧)
    3. تفسير مَثَل الزَّارِع (١٣: ١٨- ٢٣)
    4. مَثَل القمح والزَّوان (١٣: ٢٤- ٣٠)
    5. مَثَل حبَّة الخَردل (١٣: ٣١، ٣٢)
    6. مَثَل الخميرة (١٣: ٣٣)
    7. القصد من الكلام بأمثالٍ (١٣: ٣٤، ٣٥)
    8. تفسير مَثَل القمح والزَّوان (١٣: ٣٦- ٤٣)
    9. مَثَل الكَنز واللؤلؤة (١٣: ٤٤- ٤٦)
    10. مَثَل الشبكة (١٣: ٤٧- ٥٠)
    11. رفْض يسوع النبيّ (١٣: ٥١- ٥٨)
  6. يسوع يُخبَر بإعدام يوحنَّا المَعمَدان (١٤: ١- ١٣)
  7. صُنْع بِضْع معجزاتٍ (١٤: ١٤- ٣٦)
  8. مزيد من التعليم عن التلمذة (١٥: ١- ٢٠)
  9. صُنْع بِضْع معجزاتٍ (١٥: ٢١- ٣٩١)
  10. رفض رسالة يسوع وقُبولها (١٦: ١- ٢٨)
    1. الفَرِّيسيُّون والصدُّوقيُّون يرفضون يسوع (١٦: ١- ١٢)
    2. اعتراف بطرس بالمسيح (١٦: ١٣- ٢٠)
    3. يسوع يُنبِئ بموتِه (١٦: ٢١- ٢٨)

ثالثًا: آلام يسوع المسيَّا وموته وقيامته (١٧: ١- ٢٨: ٢٠)

  1. مجد يسوعَ في التجلِّي (١٧: ١- ١٣)
  2. يسوع يُكمل خدمتَه (١٧: ١٤- ٢٧)
  3. طبيعة الكنيسة وسلطانها (١٨: ١- ٣٥)
  4. خدمة يسوع في اليهوديَّة: تعاليمه ومعجزاته (١٩: ١- ٢٥: ٤٦)
    1. تعليم يسوع عن الطلاق (١٩: ١- ١٢)
    2. الأولاد في الملكوت (١٩: ١٣- ١٥)
    3. التلمذة والخدمة (١٩: ١٦- ٢٠: ٢٨)
    4. يسوع يشفي أعميَين (٢٠: ٢٩- ٣٤)
    5. يسوع في أورشليم (٢١: ١- ٢٣: ٣٩)
    6. حديث جبل الزيتون (٢٤: ١- ٢٥: ٤٦)
  5. موت يسوع وقيامته (٢٦: ١- ٢٨: ٢٠)
    1. سكْب الطِّيب على يسوع (٢٦: ١- ١٣)
    2. خيانة يهوذا ليسوع (٢٦: ١٤- ١٦)
    3. العَشاء الأخير (٢٦: ١٧- ٢٩)
    4. القبض على يسوع (٢٦: ٣٠- ٥٦)
    5. مُحاكَمة يسوع وإصدار الحُكم (٢٦: ٥٧- ٢٧: ٣١)
    6. موت يسوع ودفنه (٢٧: ٣٢- ٦٦)
    7. قيامة يسوع والمأمورية العُظمى (٢٨: ١- ٢٠)

تُرجِم هذا المقال ونُشِر بالاتفاق مع REFORMATION HERITAGE BOOKS ،

مُقدمات أسفار الكتاب المقدس الدراسي THE REFORMATION HERITAGE STUDY BIBLE