كاتِب الإنجيل:
واضِحٌ أنّ كاتِبَ إنجيل لوقا وسِفر أعمال الرُّسُل هو نفسُ الشخص (١: ٣؛ أعمال الرُّسُل ١: ١). على الرَّغم من أنّ السفريْنِ مجهولٌ كاتِبُهما "من الناحية التقنيّة"، فإنّ الأدلَّةَ الداخليَّة والخارجيَّة تُشير إلى دقَّةِ تقليد الكنيسة في أن ينسب كِتابةَ السفريْنِ إلى لوقا الطبيب.
لم يرَ لوقا أحداثَ حياةِ يسوعَ عِيانًا، إذ كتبَ ”كَمَا سَلَّمَهَا إِلَيْنَا الَّذِينَ كَانُوا مُنْذُ الْبَدْءِ مُعَايِنِينَ وَخُدَّامًا لِلْكَلِمَةِ،“ (لوقا ١: ٢). لكِنَّه يقِف مِثالًا لكاتبٍ مَسوقٍ بوحي الروح القدس حتّى في أثناء تقصِّيه الحقائق من شهود العِيان، وفي هذا تداخُلٌ بديع بين سيادة الله وعمل الإنسان.
من سِفر أعمال الرُّسُل نعلمُ أنّ الكاتِبَ كان رفيقًا مُقرَّبًا لبولس في رحلاته التبشيريَّة، كما يتَّضِح من استخدام ضمير المتكلِّم الجمع المتَّصِل ”نا الفاعلين في تَوَجَّهْنَا“ في سياقاتٍ كثيرة (أعمال الرُّسُل ١٦: ١٠- ١٧؛ ٢٠: ٥- ١٥؛ ٢١: ١- ١٨؛ ٢٧: ١- ٢٨: ١٦). يُوصَف عددٌ من الرجال أنّهم رُفقاءُ مُقرَّبون: مَرقس وديماس، ويسوع المَدعوّ يُسطُس وأبفرودِتُس، وأبفراس ولوقا. من بين هؤلاء يبرز لوقا أنّه المُرشَّح الوحيد الذي يكون قد كتبَ السفريْنِ. كتبَ إيرينايوس (١٣٠- ٢٠٠ تقريبًا) في كتابِه ضِدَّ الهرطقاتِ أنّ بولس ولوقا كانا متلازِميْنِ.
نسبَتِ الكنيسةُ الأولى والمخطوطاتُ المُبكِّرة للعهد الجديد كِتابةَ هذا الإنجيل وسِفر أعمال الرُّسُل إلى لوقا الطبيب الحبيب. وبحلولِ عام ٢٠٠ ميلاديَّة، صار أمرُ كِتابةِ لوقا لهذا الإنجيل مُسلَّمًا به، ومصادر كثيرة مثل رسالتي اكليمندس الأولى والثانية ويوستينوس الشهيد، وقائمة موراتوري لأسفار ع ج القانونية وإيرينايوس، والمُقدِّمة ضِدَّ مارسيون وترتليان ويوسابيوس القيصريّ، أكَّدَتْ جميعها أنّ لوقا هو الكاتِب.
ذُكِر اسمُ لوقا ثلاث مرَّاتٍ في العهد الجديد (كولوسي ٤: ١٤؛ ٢تيموثاوس ٤: ١١؛ فِليمون ٢٤). ومن هذه الإشارات الموجَزة والأسلوب الأدبيِّ لإنجيل لوقا وسِفر أعمال الرُّسُل نفهمُ أنّ لوقا كان طبيبًا أُمميًّا مُثقَّفًا ويُرجَّح أنّه كان غنيًّا، وأنّه بَقِيَ مع بولس في أثناء اعتقاله وسجنه في روما.
التاريخ:
يعتمد تأريخُ كِتابة لوقا اعتمادًا كبيرًا على تاريخ كِتابة أعمال الرُّسُل. يكاد يكون هناك إجماعٌ عام في الرَّأي أنّ سِفرَ أعمال الرُّسُل كُتِب بعد إنجيل لوقا. ومن المُرجَّح أن يكون سفرُ أعمال الرُّسُل قد كُتِبَ في الفترة ما بين أوائل ومنتصف الستينيَّات، يقوم هذا الترجيح أساسًا على حقيقةِ أنّ سِفرَ أعمال الرُّسُل لا يُسجِّل إطلاقَ سراح بولس من السجن، فضلًا عن أنّه لا يُشير إلى سقوط أورشليم (٧٠ م).
الموضوع:
قَصْدُ الله الثالوث في الخلاص وهو يتكشَّف في حياةِ يسوعَ المسيح وموتِه وقيامتِه وصعودِه.
القصد والهدف:
صرَّح لوقا بأنّ هدفَه من كِتابة الإنجيل هو ”لِتَعْرِفَ صِحَّةَ الْكَلاَمِ الَّذِي عُلِّمْتَ بِهِ.“ (لوقا ١: ٤)؛ أي أن يدعِّمَ أولئك الذين عُلِّموا في الإيمان بروايةٍ حقيقيَّةٍ عن حياةِ يسوعَ المسيح ليُثبِّت إيمانَهم وتوبتَهم.
المُلخَّص:
الإسهام الذي يقدِّمه لوقا في إعلان الفداء
يُظهِر لوقا أنّ خدمةَ يسوعَ تتميمٌ لتاريخ الخلاص. إذ طَوال تاريخ الفداء كان الله يُعدُّ العالمَ لقُبول تأنُّس ابنِه، يسوع المسيح. فمِن بداية الكتاب المُقدَّس وحتّى نهاية خدمة يوحنَّا، يَعِدُ الله بتحقيق خُطتَّه العهدية للفداء. فعندما بدأ يسوع خدمتَه الأرضيَّة، وبعد ذلك خدمته السماويَّة (أعمال الرُّسُل) ، كان اللهُ يحقِّق تلك الوعودَ التي قطعَها مُنذُ زمنِ آدمَ وحواء، بما في ذلك الوعد الذي قطعَه لإبراهيم بأن فيه تتبارك جميعُ الأمم (لوقا ٢: ٣٢؛ ٧: ١- ١٠؛ ١٠: ٢٥- ٣٧؛ ٢٤: ٤٧). بوضوحٍ بيَّنَ لوقا هذا في روايتِه عن شخص المسيح وعمله (٣: ٣٨؛ ٩: ٢٠- ٢٢). يُركِّز سردُ لوقا لتاريخ الخلاص الذي تمَّمه يسوعُ على وظائفه الثلاث، كونه النبيَّ والكاهن والمَلك (اُنظُر ١: ٣١- ٣٣، ٦٩؛ ٤: ١٨، ٤٠؛ ٥: ١٣، ١٤؛ ٢٤: ٥١؛ إلخ.).
لا يُظهِر لوقا أنّ يسوعَ هو ذُروة تاريخ الخلاص فحسب، إنَّما أيضًا أنّ كُلَّ إعلانٍ جاء قبله مركزه شخص يسوع وخدمته. إذ إنّ كُتَّابَ الوحي جميعهم، من موسى إلى الأنبياء، قد كتبوا وشهِدوا ليسوعَ. يُظهِر لوقا أنّ الوحيَ كُلَّه يتعلَّق بإعلان يسوع لشعب العهد (٢٤: ٢٧، ٤٤- ٤٩). تزامُنًا مع ذلك، يصوِّر المسيحَ أنّه تحقيقٌ للنبوَّات التي قيلَتْ عن العبد (المُتألِّم) والمسيَّا والنبيِّ (٤: ١٨، ١٩؛ ٧: ١٦؛ ٩: ٧- ٩، ٢٠؛ ١١: ٤٧- ٥١؛ إلخ.).
كان لدى لوقا، بصفتِه طبيبًا، اهتمامٌ خاص بخدمةِ يسوعَ في الشفاء. لقد اهتمَّ يسوعُ في خدمتِه العلنيَّة بأن يفتح عيونَ العُمي ويُرسِل المُنسحِقين في الحرِّيَّة (٤: ١٨). ويظهَر يسوعُ في إنجيل لوقا كُلِّه أنّه يشفي المَرضى ويطرُد الأرواحَ الشرِّيرة ويشفي من الأمراضِ المُختلِفة، بل ويُحيِي الأمواتَ. لاحقًا يُظهِر سِفرُ أعمال الرُّسُل أنّ كثيرًا من هذه المعجزات تُجرَى على أيدي الرُّسُل بقوَّةِ الروح القدس الذي أعطاهم يسوعُ. تُثبِت معجزاتُ يسوعَ وشفاؤه سلطانَه على كُلِّ شيءٍ.
ركَّز لوقا أيضًا على خدمةِ يسوعَ لمرفوضين كثيرين، من ضِمنهم الفُقراء والخُطاة والعشَّارين (٤: ٢٥- ٢٧؛ ٨: ١- ٤؛ ١٠: ٣٠- ٣٧؛ ١٨: ١٥- ١٧؛ ١٩: ٥؛ إلخ.). لقد انتبهَ لوقا أكثر من كُتَّاب الأناجيل الآخرين إلى تعامُلات المسيح مع النساء (على سبيل المثال، ٧: ١١- ١٧، ٣٦- ٥٠؛ ٨: ١- ٣؛ ١٠: ٣٨- ٤٢؛ ١٣: ١١- ١٧؛ ١٨: ١- ٨).
لقد أتمَّ يسوعُ خدمتَه بفعل الروح القدس. فقَدْ حُبِلَ بيسوعَ من الروح القدس (١: ٣٥) ووُلِد من العذراء مريم. ولمَّا اعتمَدَ يسوعُ امتلأ من الروح القدس، وكان يُقتَاد بالروح في البرِّيَّةِ (٤: ١). لقد علَّم الناسَ بقوَّة الروح (٤: ١٤) وشَهِدَ للجموع أنّ روحَ الربِّ قد مسحَه (٤: ١٨). أنهى يسوعُ خدمتَه الأرضيَّة في لوقا بوصيَّتِه لتلاميذه أن ينتظروا حلولَ الروح (٢٤: ٤٩)، الذي يؤدِّي دورًا أساسيًّا وضروريًّا في تطبيق عمل الفداء على قلوبِ المؤمنين أفرادًا (١: ١٧؛ ١١: ١٣).
موجَز مُحتوى الإنجيل:
أوَّلًا: تمهيد (١: ١- ٤)
ثانيًا: تاريخ يسوع المُبكِّر (١: ٥- ٢: ٥٢)
- البشارة بميلاد يوحنَّا ويسوع (١: ٥- ٨٠)
- ميلاد يسوع المسيح (٢: ١- ٢١)
- وُلِد يسوع (٢: ١- ٧)
- زيارة الرُّعاة ليسوع (٢: ٨- ٢١)
- طفولة يسوع (٢: ٢٢- ٥٢)
- تقديم يسوع في الهيكل (٢: ٢٢- ٤٠)
- الصبي يسوع في الهيكل (٢: ٤١- ٥٢)
ثالثًا: إعداد يسوع للخدمة (٣: ١- ٤: ١٣)
- يوحنَّا يمهِّد الطريق (٣: ١- ٢٢)
- سلسلة نسب يسوع المسيح (٣: ٢٣- ٢٨)
- تجرِبة يسوع في البرِّيَّة (٤: ١- ١٣)
رابعًا: بداية خدمة يسوع في الجليل (٤: ١٤- ٩: ٥٠)
- يسوع يذهب إلى الجليل (٤: ١٤، ١٥)
- يسوع يُرفَض في الجليل (الناصرة) (٤: ١٦- ٣٠)
- يسوع في كفرناحوم وحول اليهوديَّة (٤: ٣١- ٤٤)
- يسوع يدعو التلاميذ الأوَّلين (٥: ١- ١١)
- يسوع يشفي أبرص ومشلولًا (٥: ١٢- ٢٦)
- يسوع يدعو لاوي (٥: ٢٧- ٣٢)
- يسوع يُسأَل عن الصوم (٥: ٣٣- ٣٩)
- يسوع ربُّ السَّبتِ (٦: ١- ١١)
- دفاع يسوع عن تلاميذه لأنّهم قطفوا سنابل في السَّبتِ (٦: ١- ٥)
- دفاع يسوع عن الرَّجل الذي شُفِي في السَّبتِ (٦: ٦- ١١)
- اختيار الاثني عشر رسولًا (٦: ١٢- ١٦)
- التطويبات ومزيد من تعليم المسيح (٦: ١٧- ٤٩)
- يسوع يهتمّ بأُمميّ وامرأة (٧: ١- ١٧)
- شفاء عبد قائد المئة (٧: ١- ١٠)
- يسوع يُقيم ابن الأرملة الوحيد (٧: ١١- ١٧)
- تلاميذ يوحنَّا المَعمَدان يسألون يسوع (٧: ١٨- ٣٥)
- يسوع يغفر لاِمرأةٍ خاطِئة (٧: ٣٦- ٥٠)
- بعض النساء يتبعن يسوع (٨: ١- ٣)
- يسوع يعلِّم الجموعَ بأمثالٍ (٨: ٤- ١٨)
- أُمُّ يسوع وإخوته وعمل مشيئة الله (٨: ١٩- ٢١)
- يسوع يصنع أربع معجزاتٍ (٨: ٢٢- ٥٦)
- يسوع يهدِّئ العاصفةَ (٨: ٢٢- ٢٥)
- يسوع يشفي إنسانًا به روح نجس (٨: ٢٦- ٣٩)
- يسوع يشفي امرأةً (٨: ٤٠- ٤٨)
- يسوع يُقيم ابنة يايرس (٨: ٤٩- ٥٦)
- يسوع وتلاميذه (٩: ١- ٥٠)
- يُرسِل الاثني عشر رسولًا (٩: ١- ٦)
- خوف هيرودس من يسوع (٩: ٧- ٩)
- يُطعِم الخمسة الآلاف (٩: ١٠- ١٧)
- اعتراف بطرس بيسوع أنّه المسيح (٩: ١٨- ٢٠)
- يُنبِئ بموتِه (٩: ٢١، ٢٢)
- يوضِّح كُلفةَ التلمذة (٩: ٢٣- ٢٧)
- يُظهِر مجدَه بالتجلِّي (٩: ٢٨- ٣٦)
- يشفي غلامًا به روح نجس (٩: ٣٧- ٤٣)
- يُنبِئ بموتِه مرَّةً ثانية (٩: ٤٤، ٤٥)
- مَن هو الأعظم في الملكوت؟ (٩: ٤٦- ٤٨)
- وداعة الملكوت (٩: ٤٩، ٥٠)
خامسًا: في الطريق إلى أورشليم (٩: ٥١- ١٩: ٢٧)
- المرحلة الأولى من رحلة يسوع إلى أورشليم (٩: ٥١- ١٣: ٢١)
- السامريُّون يرفضون يسوع (٩: ٥١- ٥٦)
- ثمن التبعيَّة (٩: ٥٧- ٦٢)
- يسوع يُرسِل السبعين (١٠: ١- ٢٤)
- يقدِّم أمثالًا وتعاليم متنوِّعة (١٠: ٢٥- ١٣: ٢١)
- المرحلة الثانية من رحلة يسوع إلى أورشليم (١٣: ٢٢- ١٧: ١٠)
- الباب الضيق (١٣: ٢٢- ٣٠)
- يسوع يرثي أورشليم (١٣: ٣١- ٣٥)
- يسوع يشفي رَجلًا في السَّبتِ (١٤: ١- ٦)
- أمثال ودروس ١٤: ٧- ١٧: ١٠)
- المرحلة الثالثة من رحلة يسوع إلى أورشليم (١٧: ١١- ١٩: ٢٧)
- يسوع يشفي العشرة البُرص (١٧: ١١- ١٩)
- متى يأتي ملكوت الله؟ (١٧: ٢٠- ٣٧)
- مَثَل الأرملة اللجوجة (١٨: ١- ٨)
- مَثَل الفَرِّيسي والعشَّار (١٨: ٩- ١٤)
- يسوع يبارك الأطفال (١٨: ١٥- ١٧)
- الشابُّ الغنيّ (١٨: ١٨- ٣٠)
- يسوع يُنبِئ بموتِه مرَّةً ثالثة (١٨: ٣١- ٣٤)
- يسوع يفتح عيني أعمى (١٨: ٣٥- ٤٣)
- يسوع يخلِّص زكَّا (١٩: ١- ١٠)
- مَثَل العشرة أَمْناءٍ (١٩: ١١- ٢٧)
سادسًا: في أورشليم (١٩: ٢٨- ٢٤: ٥٣)
- يسوع يدخل إلى أورشليم (١٩: ٢٨- ٤٨)
- الصراع بين يسوع ورؤساء اليهود (٢٠: ١- ٢١: ٤)
- تعليم يسوع عن نهاية الأزمنة (٢١: ٥- ٣٥)
- العشاء الأخير، وخيانة يهوذا، والقبض على يسوع (٢٢: ١- ٢٣: ٥٦)
- العشاء الأخير (٢٢: ١- ٤٦)
- القبض على يسوع وموته (٢٢: ٤٧- ٢٣: ٥٦)
- قيامة يسوع وصعوده (٢٤: ١- ٢٣: ٥٦)
- قيامة يسوع (٢٤: ١- ١٢)
- ظهوره للتلاميذ (٢٤: ١٣- ٤٩)
- صعود يسوع إلى السماء (٢٤: ٥٠- ٥٣)
تُرجِم هذا المقال ونُشِر بالاتفاق مع REFORMATION HERITAGE BOOKS، مُقدمات أسفار الكتاب المقدس الدراسي THE REFORMATION HERITAGE STUDY BIBLE